د. سعيد الكردفاني ✍🏿
اثار الفيديو الذي يصور زيارة البرهان الي الولاية الشمالية بمحلية مروي قرية قوز هندي وصراخ النسوة ونشيجهن في وجه البرهان وهن يطالبنه بايقاف الحرب التي اتعبت كل المواطنين مشاعر من الحزن والتعاطف الوطني العام الذي وجد في مطالبة النسوة تعبيرا عن رغبة الضمير الوطني العام بايقاف الحرب! و علق احد الصحفيين المتابعين بقوله : أن العبارات العفوية لهذه السيدة والتي انطلقت من اعماق محلية مروي (قوز هندي) وليست من الجزيرة او الخرطوم حيث قمة جبل المعاناة ستحرج البرهان ورهطه الكيزاني المجرم وستشكل اساس قوي لتشكيل رأي عام سوداني ضاغط لوقف هذه الحرب وفتح ملفات التحقيق والحساب للاجابة عن كل التساؤلات التي ينتظرها الشعب (ماذا ، لماذا وكيف؟).
ردود افعال واسعة وتعليقات مهمة شملت الساحة السياسية نتيجة التفاعل والتعاطف مع الرأي العفوي لنسوة قوز هندي حيث علق المهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني حول الفيديو بقوله : المرأة التي اندفعت نحو الفريق أول البرهان خلال زيارته لإحدى مناطق الولاية الشمالية أمس وخاطبته بشموخٍ وحزنٍ ورجاء وهي تشكو قسوة الحال والتعب من الحرب – حتى سقط منها النصيف ولم تُرِدْ إسقاطه – تمثل ملايين السودانيين الذين تَغَطّتْ أرض وطنهم بمحاصيل الشقاء والعناء، إنها صرخة استغاثة عفوية وصادقة لا يجوز الإعراض عنها ولا يليق بها غير تحكيم العقل والضمير والتوجه بإرادة جادة لفتح الآفاق المسدودة عبر مسار سلمي تفاوضي وطني لإطفاء نار الحرب والتوافق على عقد اجتماعي جديد لتأسيس وطنٍ يضمن شروط الحياة الكريمة لجميع أهله بلا تمييز.
كما علق مبارك الفاضل بقوله : حديث نساء قوز هندي للبرهان مثل ضمير الامة الصامت المطالب بنهاية للحرب التي أفقرت الشعب وشردته وقتلت أبناءه . صرخن النسوة بعفوية يا برهان أوقف الحرب يا برهان نحن تيتمنا يا برهان نحن نايمين في الشارع يا برهان الحرب فاتت السنة يا جيشنا الفانا ، وصاحب ذلك البكاء الحار. ما صدحت به نسوة قوز هندي يعبر عن راي الاغلبية الصامت في السودان الذي عبر عنه بوضوح بيان مكتبنا السياسي في حزب الامة ونصح فيه البرهان علي المشاركة في مفاوضات جنيف للاتفاق علي انفاذ مخرجات اعلان جدة.
لقد اعدت قراءة اتفاقات السلام الثلاثة الموقعة بين وفد القوات المسلحة السودانية ووفد قوات الدعم السريع في جدة والمنامة ، واشهد بان كل نصوصها تحقق الحفاظ علي الدولة السودانية ووحدة ومهنية الجيش السودان وتنقذ الشعب السوداني من التشرد والفقر والاهانة. ان تخلف وفد الجيش السوداني عن منبر جنيف والتصريح باستمرار الحرب لسنوات طويلة،خطا كبير فيه مخاطرة بزوال الدولة السودانية ويتهدد وحدة القوات المسلحة السودانية في حد ذاتها كما يعبر عن استهتار بالماساة التي يعيشها الشعب السوداني.
المساومة بالاعتراف بحكومة انقلاب ٢٥ اكتوبر مقابل وقف الحرب ، مساومة خاسرة سوف تؤدي الي زعزعة ثقة الشعب في قيادة جيشه، كما راينا من مؤشر في موقف النسوة في مناشدتهم للبرهان في قوز هندي.
التناقض في الموقف من مشاركة دولة الامارات في الوساطة لانهاء الحرب وتنفيذ اعلان جدة لحماية الشعب السوداني وانقاذه من التشرد لن يخدم مصلحة السودان لان الامارات بما لديها من نفوذ علي الدعم السريع تمثل 50% من الحل. كما ان المصالح الاقتصادية بين السودان والإمارات تتجاوز حجم الخلافات ( وسوف نفصل ذلك في تغريدة منفصلة) فسجل العلاقات العربية مليء بالصراعات والمصالحات. ان سياسة الدول يحكمها مصالحها وأمنها القومي لا تحكمها العواطف والغضب . فهل تستجيب قيادة الجيش لصرخات الضمير السوداني وتتقدم نحو تنفيذ اتفاق جدة والمنامة؟.
وبحسب مراقبين ان الصرخة التي اطلقتها نسوة قوز هندي بمحلية مروي بالولاية الشمالية مثلت بداية الانتفاضة الشعبية للاغلبية الصامتة ضد استمرار الحرب العبثية وضد ادارة الجيش للاوضاع الكارثية التي تمر بها البلاد كما يمكن اعتبارها نهاية الالتفاف الشعبي المزعوم حول مليشيا البرهان الاجرامية بما انها تمثل رد فعل عفوي نابع عن ضمير المواطنين المغلوبين على أمرهم الذين فاضت بهم المعاناة والتشرد وشظف العيش وهم ينظرون الي المستقبل المظلم في ظل اصرار البرهان ومن حوله من فلول النظام البائد علي استمرار الحرب دون ان تلوح اي بادرة أو مقدرة تمكنهم من الحسم العسكري بما يجعل الجميع يعيش هَمَّ خشية اطالة الحرب ومعاناتها، وبحسب مصادر التحليل الاستراتيجي ان الحادثة تمثل بداية تصدع جبهة الحرب والدعوة للاستمرار فيها كماهي تعتبر رفضا لكل خطابات الاستهلاك السياسي للبرهان التي يهدد فيها وبتوعد باطالة الحرب.