علي أحمد
إعلان الناطق الرسمي بقوات الدعم السريع في بيان، تضامن قواته مع ضحايا كارثة السيول والفيضانات التي ضربت أكثر من عشر ولايات، أمر مفهوم ومتوقع بالنظر لمواقفها الأخيرة في (جنيف) وحرصها على الوقوف بجانب الشعب ومعاناته. وما لفت نظري في البيان هو النداء الذي وجهته (الدعم) للمنظمات الدولية والإقليمية، والرأي العام العالمي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، للاستجابة العاجلة لهذه الكارثة ومآلاتها الإنسانية في ظل الواقع المتأزم في البلاد.
هذا النداء هو الذي عجزت عصابة بورتسودان من “الكيزان” وبرهانهم والحركات الإرتزاقية المسلحة عن توجيهه لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه والتقليل من خطر المأساة والكارثة التي خلفت مئات القتلى والمفقودين، لأنها مشغولة عنهم باستقبال وتنظيم فعاليات لراقصة شعبية ومطربة أفراح شعبية بذيئة تدعى “ندى القلعة” لا تجرؤ أي مؤسسة إعلامية حتى لو كانت (غير محترمة) على بث أغنياتها فرط هبوطها وخلاعتها وضعف بنيتها الموسيقية واللحنية وركاكة كلماتها، بدعوى أنها مؤيدة وداعمة لها، دعك من أن البلاد تعيش حالة حرب وفيضانات معاً، ما يجعل الطرب والرقص والمياعة في هذه الظروف من أعمال التفاهة والسفاهة لا القيادة الرشيدة!!
قائد الجيش البرهان، ظل منغمساً في هذه الأجواء الخليعة ، يلهث خلف المطربة الهابطة فسار جيشه كله خلفها، ولا ريب، فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص، فيما الغرقى والجوعى لا طعام لهم ولا منقذ، بل ويبذل لها من أموال الشعب الغارق في الحرب والعالق في الجوع والسيل والمطر والمرض، ولولا الضغط الشعبي الذي مورس عليه إعلاميا في “السوشيال ميديا” لما زار المناطق المتأثرة بالفيضانات والسيول في شرق السودان في طوكر وأربعات، اللتان تبعدان بضعة كيلومترات عن عاصمته البديلة بورتسودان، حيث تعاني شعوب المنطقة الفقر والفاقة والجوع والمرض والتشرد فيما يعبث هو وعصابته بثرواتهم ومقدراتهم ويبددونها في اللا شئ وفي (الشئ نفسه) – السهر والمجون – في حفلات الليل (العميقة) وأكل “السلات” المشوي على شاطيء البحر والناس حزانى وجوعى وغرقى!
قادت عصابة بورتسودان بلادنا إلى الحرب والهلاك وتضافرت معها قوى الطبيعة الغاضبة، فوضعت ملايين السودانيين على حافة الجوع والموت، لا يجدون من يأخذ بأيديهم وينقذهم ويقدّم لهم المساعدات في حدها الأدنى، فقد دمرت الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة قرى وبلدات بأكملها في الشمالية ودافور وكردفان وشرق السودان الذي اتخذته العصابة (قلعة) تحتمي بها خشية من الحرب التي اشعلتها، لكن رغم ذلك لم تعر أكثر من (26) قرية تعرضت للدمار الشامل في دلتا طوكر أي اهتمام، ولم نر إلا زيارة برتوكولية من رئيس العصابة تمت تحت الضغط الإعلامي الشديد، من أجل التصوير، حيث ظهر البرهان وهو جالس على (عنقريب) لاستقبال فلاشات الكاميرات، وسرعان ما عاد أدراجه إلى أحضان المطربة الشعبية يتناول معها الشواء ويتبادل معها (الأفكار) ، يحدثها عن بطولاته الهوائية وتحدثه عن (ابتسامته) الخلابة التي تحمل خلفها أسرار – كما صرحت بعد وصولها -، لم يعلن الطواريء ويرسل نداء استغاثة عالمي لانقاذ شعبه، ولم يسير القوافل ويرسل نجدة للمواطنين العالقين في الجبال تحت رحمة الجوع وهوام الأرض، إذا هبطوا ستجرفهم السيول وإذا بقوا على قمم الجبال سيموتون جوعاً أو بلدغات الأفاعى والعقارب.
بالنسبة لقوات الدعم السريع، فقد أخذت زمام المبادرة وناشدت المنظمات الدولية والمجتمعين الدولي والإقليمي بالتدخل الفوري لإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من المواطنين العالقين في السيول والفيضانات، وهذا الموقف التضامني وحده يكفي، وشتّان بينه وبين تبديد وصرف الأموال المنهوبة على الصعاليك وشذاذ الآفاق ومُغنيات البذاءة والطرب الرخيص.
مؤسف أن لا تعي عصابة بورتسودان وعلى رأسها هذا البرهان أن السيول التي قتلت المواطنين وجرفت مساكنهم ومملتكاتهم بالقرب من مقراتهم (الغنائية)، ستحول هؤلاء البسطاء إلى سيول شعبية عارمة، تجرف البرهان وعصابته وتقتعلهم من شرق السودان اقتلاعاً وتقذف بهم إلى مزابل التاريخ غير مأسوفٍ عليهم.