*كتب الاستاذ منعم سليمان* ✍️
استضاف برنامج “المسائية” بقناة الجزيرة مباشر أمس القيادية بحزب المؤتمر الوطني المحظور (سناء حمد)، وقد ظهرت شديدة الارتباك والتناقض مشتتة وغير مستقرة الذهن تضرب يميناً قبل أن تنتقل يساراً، فأشاع حديثها في قلبي الوهن إذ كنت اظنها أرفع قليلاً من هذا التسطيح والتدني، ولكن ظني ذهب سُدى، وإذا بنا أمام نسخة جديدة من؛ “بلادي سهول بلادي حقول”، وأمام مخادعة رعناء غير مصقولة الذهن!
قالت سناء، إن حركتها الإسلامية التي أشعلت الحرب ولا تزال تُقاتل باسم الجيش، تقبل الجلوس مع الدعم السريع “إذا ما جنح للسلم” لأنهم – كما قالت- ملزمون نصاً بذلك، لكنّها لن تجلس مع تنسيقية القوى الديمقراطية (تقدّم)، إذ – وفقاً لمنطقها- فان تقدم أرتكبت جريمة لا تغتفر، “لأنها وفرت الغطاء السياسي لقوات الدعم السريع” – ويا ألطاف الله.
أولاً وقبل الخوض في حديث سناء ومنطقها المعوج نود أن نسألها: أين ستجلسون مع حميدتي هل في الدنيا أم الآخرة؟ وكيف تجلسون مع (ميت) وتتحدثون إلى شبح من أحابيل الذكاء الاصطناعي؟ أليست حركتك الإسلامية من أشاعت ذلك وروجت له عبر خبرائها الاستراتيجيين وسفرائها وحلفائها وأرزقيتها؟. لذلك عليكم قبل الجلوس إلى (البعاتي) كما قال سفيركم في ليبيا فأضحك علينا العالم، الاعتذار إلى الشعب السوداني عن كل أكاذيبكم من فترة حكمكم إلى يومنا هذا.
وأيضاً يجب أن تجيبنا سناء قبل كل شيء: هل قوات الدعم السريع قوات سودانية تم تأسيسها أثناء فترة حكمكم، بمرسوم من رئيسكم وبقرار من “برلمانكم”، أم هي مليشيا تأسست أثناء هذه الحرب، قوامها أجانب مرتزقة جاءوا من مالي وتشاد والنيجر و “عرب شتات وجراد صحراء”؟ والإجابة على هذين السؤالين واعترافكم بالكذب والتضليل والخداع هو الذي يحدد ما اذا كان على الناس أن يتقبلونكم أم لا، هذا مع علمنا المسبق ان الفساد والكذب والخداع سمه أصيلة في تكوينكم، لا تكتمل عضوية تنظيمكم إلا باكتمالها، تمارسون الكذب والخداع كفريضة، قبل الصلاة وبعدها!
حديث سناء كشف أمران لا ثالث لهما، الأول اعترافها – ما بين السطور – بحقيقة أن هذه الحرب هي حرب الكيزان وتم شنها ضد قوات الدعم السريع، بسبب أن الحركة الإسلامية كانت تريد إيقاف الانتقال الديمقراطي والعودة إلى السلطة مُجدداً عبر انقلاب البرهان 25 أكتوبر 2021، لكن قوات الدعم السريع وقفت حجر عثرة أمام طموحها هذا باعتذار قائدها محمد حمدان دقلو عن مشاركته في استكمال الانقلاب علانية، ثم إعلان تأييده للاتفاق الاطاري والمضي قدماً في توقيعه، من أجل العودة إلى مسار الانتقال، ما شكل عقبة أمام الكيزان انتهت بقرار شن الحرب عليه في 15 ابريل 2023، للقضاء عليه وعلى قواته، في حرب ظنوها خاطفة لا تتعدى ساعات أو أيام قليلة في أسوأ تقديراهم البليدة!
الأمر الثاني الذي كشفه حديثها، هو أن الديمقراطية ودعاة التحول الديمقراطي، هما العدو الأول والأخير للحركة الإسلامية وحزبها وكيزانها، وأن كل من يدعم هذا المسار ويمضي نحوه يجب ان يحارب، وكل من يتوفر على حدٍ أدنى من الذكاء لابد انه فهم ما هي جريمة (تقدّم) التي لا تغتفر، فهي ليست ما ادعت (سناء) بتوفيرها للغطاء السياسي وغير ذلك من الأكاذيب، وإنما المشكلة كل المشكلة في خطها السياسي، المنادي بالتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، هذه هي المشكلة مع (تقدم)، والتي أجزم لو انها قبلت اليوم على نفسها بأن تصبح من مجموعات (الموز) السياسي، لما اختار الكيزان وبرهانهم حاضنة لهم غيرها !
إن حديث (سناء) بهذا الإنكسار والخضوع ، كما المكر والخداع، يؤكد تماماً فشل وهزيمة كيزان الجيش في حربهم ضد قوات الدعم السريع، وهاهم بعد الهزائم الساحقة والكبيرة التي مُنيت بها ميلشياتهم وجيوشهم وكسر شوكة حركتهم الاسلامية، يرسلون رسولتهم حاملة معها – كدأبهم- آية من آيات القرآن الكريم ليبرروا بها استسلامهم واعترافهم بالخسارة، ولو أن هناك آية تصلح بان يُـستدل بها في مقام الغدر والخداع الذي أمامنا، تصلح للعبرة والاتعاظ، فهي قطعاً ليست الآية التي أستدلّت بها سناء: “وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا”، وإنما آيات العبرة والعظة والتحذير من قصة لوط وامرأته: “إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ”، وهي عبرة وتحذير لم تقتصر من هول موبقاتهم على القرآن الكريم، بل جاءت قبله، حيث جاء في الإنجيل: “وأذكروا امرأة لوط”، والعبرة في الكتاب المقدس انها ليست فقط فاجرة فاسقة كما قومها، بل أيضاً لأنها تخالف تعاليم الرب وتريد الرجوع إلى الوراء!
لا رجعة ولا ردة، الديمقراطية هي الحل والسبيل، و(لا) لعودة الحركة الاسلامية بكل مسمياتها وأشكالها ولافتاتها.