ـ يبدو أن الفريق أول البرهان جمّد ملف تطوير العلاقة الاستراتيجية والعسكرية مع روسيـ ـا ، بعد استماعه بإنصات مريب لتحذيرات أمريكية من المضي قدماً في ملف القاعدة البحرية الروسية شمال بورتسودان !!
~ كان من المقرر أن يسافر البرهان إلى موسكو نهاية هذا الشهر ، وكان من المأمول أن تسفر زيارة نائبه عقار عن اتفاقيات مبدئية والتزامات صارمة تمهد لتوقيع البرهان على اتفاقية تعاون استراتيجي مع روسيا.
~ البرهان الآن لا يحارب هجوماً لاسترداد مدني المغدورة المحتلة وكل نواحي ولاية الجزيرة، بل يدافع في تخوم سنار التي كنا نراها هدفاً عصياً ومستحيلاً على الجنجويد !!
~ البرهان لا يقاتل قتال الجيش الذي نعرفه، لاسترداد المدن المغتصبة ، ولا يفاوض تفاوض دولة محترمة يقودها خبراء ومستشارون على درجة عالية من الحكمة والدربة والخبرة السياسية ، لتحقيق ما لم يتحقق بالعمليات العسكرية.
~ البرهان لا يريد أن يعقد حلفاً عسكرياً مع روسيا ليتمكن الجيش السوداني من تحرير المدن والقرى، ولا ينوي التوجه نحو الصين لإبرام شراكة اقتصادية في الموانئ والمعادن كما كان الحال في مشروع النفط العظيم، لإنقاذ الاقتصاد السوداني من حالة الموت السريري التي دخل فيها ، والمشهد الآن دولة مفلسة وشعب مهدد بالمجاعة.
~ هو رئيس مجلس السيادة وهو رئيس مجلس الوزراء وهو القائد الأعلى وهو القائد العام للجيش ، ويعمل بلا مستشارين، بلا مكتب قيادي، بلا مكتب سياسي، بلا أفق استراتيجي ، والنتيجة دولة ضعيفة مركزها بورتسودان ، يقودها جنرالات عاجزون ، يتحكم فيها رجال أعمال فاسدون يستثمرون في بيئة الحرب ، وشعب مشرّد تطارده الدول ، ولا أمل في تحرير مدني ونيالا والجنينة و الخرطوم في ظل هذه المعطيات ، ما لم يتغير هذا الواقع الكارثي الذي قد يلغي وجود الدولة السودانية في خريطة العالم.
~ أما الحركة الإسلامية التي يقودها “علي كرتي” ، فإنها جزء من مخطط الاستسلام لهذا الواقع المأساوي والتبرير له والدفاع عنه بحجج واهية، وقد دفنت قيادة الحركة حزباً كبيراً فاعلاً تحت الأرض لخمس سنوات بدعوى الحفاظ على الوطن ، وكانت النتيجة الفوضى التي ضربت البلاد سياسياً وعسكرياً وأمنياً ، فجاءت الحرب مولوداً طبيعياً وشرعياً لبيئة الفوضى وحالة الاستسلام لها ، فضاع الوطن الذي زعموا أنهم تواروا حفاظاً عليه !!
إن الله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.