منعم سليمان
عندما استمعت إلى كلمة السفير الحارث إدريس أمام جلسة مجلس الأمن أمس، شعرت بالخزي والعار، وبالحرج والعار الشخصي، لكون هذا الرجل ضعيف القدرات إلى الحد الذي يبعث على الرثاء يدَّعي تمثيل السودان في أكبر محفل دولي، فهذا الأجوف المُتضخم ذاتياً يفتقد إلى الحد الأدنى من الكفاء، حيث كشف من خلال حديثه عن التردّي القيمي والأخلاقي كما التربوي والمهني الذي أوصلنا إليه الإخوان المسلمين في عهدهم الذي لا يزال مستمراً!
هذا (السفيه) السوداني لدى الأمم المتحدة، هاج وماج وطالب مجلس الأمن الدولي بإدانة دولة الإمارات الشقيقة باعتبارها داعمة لقوات الدعم السريع، لكنه لم يجد دليلاً يقدمه ليثبت به هذا الادعاء غير ادعاءه بأن حكومته الكيزانية وجدت (6) جوازات سفر إمارتية في أرض المعركة، ولكم أن تتخيلوا هذا البؤس الذي نعيشه: رجال لا (تلهيهم) حرباً وقصف طيران وهدير مدافع ومسيرات إيرانية من فوقهم عن حمل جوازات سفرهم في ساحة المعركة (!) ما هذا العبط والسذاجة والمنطق السخيف الذي لا يليق حتى بمتعطل جاهل يعيش في الأزقة المظلمة دعك عن (سفير) يُفترض فيه الحدّ الأدنى من المعرفة بالأعراف الدبلوماسية التي تستلزم طرح الأفكار والاتهامات بعقلانية ومنطق وتجنب الصراخ وسوء المنطق ونحافة الحجج كما فعل فأخجلنا وأدخلنا في أظفارنا – كما يقولون- خصوصاً حين ادعى وهو يخاطب رئيس الجلسة بأنه أودع الجوازات المزعومة أمانة لديه وطالبه بعرضها وإدانة الإمارات، وكأن مجلس الأمن الدولي تلفزيون كيزاني بورتسوداني بائس، يجمع الصور من كاميرات المراقبة ويلصقها ليعرضها للمشاهدين على انها أدلة على انقلاب حميدتي (!) ، ولا بأس، ولكن البؤس كل البؤس أن يتم عرض مثل هذه الحبكات الهزيلة وهذا الفقر الخيالي البائس على أروقة ومنصات عالمية معتبرة ومرموقة – ويا لهواننا على الناس!
هذا الرجل المعتوه – جاء بالطامة الكبرى – فأخرج من بين رُغاءه وزبده – ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر، حيث رفض المساعدات الإنسانية المقدمة من دولة الإمارات بحجة أن السودان أغنى منها – هكذا قال والله – ولابد أن أعضاء المجلس قد فغروا أفواههم وكتموا ضحكاتهم عند سماعهم هذا الهراء غير المحتشم، قبل أن يغرق الرجل السفيه في شبر ماء، حين ذهب مذهب السوقة والدهماء والهوام والعوام – وهو منهم بلا أدنى شكٍ – مردداً نشيدهم الجنائزي الأثير، بأن السودان هو الذي بنى نهضة الإمارات لمجرد أن سودانيين اثنين توليا في بداية تأسيس دولة الإمارات – وقبل نهضتها – إدارة بلديتين، ولم يدعيا يوماً أنهما من نهضا بالإمارات إلى مصاف الدول التي يُشار إليها بالبنان، وإلاّ لماذا لم يفعلا ذلك بوطنهما السودان؟ ولماذا ظل ولا يزال يرزح منذ أن خرج المستعمر في الحروب ويغرق في الدماء والعصبية القبلية والعنصرية والتخلف والفقر والفساد حتى أصبح سخرية العالم وأضحوكته ومحل (شفقته)؟!
إن دولة الإمارات بُنيت بفكر أبناءها المخلصين وبحكمتهم وجهودهم وأموالهم، ونهضت برؤية قائد عظيم هو المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بسعة أفقه ونظافة يده، وخلفه أبناءه وأحفاده، وبصبر وتضحيات شعبهم المضياف الأصيل الكريم، حيث جاؤوا ببيوت الخبرة العالمية من كافة دول العالم الأول وبجميع المجالات وبآخر ما توصل له العالم من تكنولوجيا وعلم ومنجزات فكرية وحضارية ومادية، من كل الدول المتقدمة (والسودان ليس بينها)، وهذا للحقيقة والأمانة، فأخذوا من كل بستان زهرة وقطفوا من كل حديقة وردة فبنوا بلادهم جنة على الأرض ولم يبخلوا بخيراتهم على أحد، فصارت بلادهم متاعاً لهم ولكل مقيم بينهم، على النحو الذي نراه الآن؛ جنة في الأرض وقبلة للناس أجمعين، تعيش فيها (180) جنسية تتخذها وطنا ثانياً لها، فيأتي هذا (الحارث) الذي دمر بلده بحرب أهلية ضروس، ولا يزال طيرانه يقصف البنية التحتية الضعيفة فيقضي عليها، ليتحدث أمام العالم عن مساهماته في نهضة الإمارات، وكأنه يتحدث إلى غوغاء يحيطون ببائعة شاي بأحد أسواق الخرطوم المظلمة، وليس بمحفل دولي كل من يتواجد فيه يعلم أين موقع الإمارات وأين دولة السفيه الحارث، وهل هو يمثل الآن دولة من أساسه، أين هي؟!
لا أريد أن أقارن بين معالي السفير الإمارات لدى الأمم المتحدة، وسفيه دولة (بورت كيزان) ممثل الفلول في المنظمة الدولية، لأن ذلك ظلم وحيف وإجحاف، فقد قدّم السفير الإماراتي محمد أبو شهاب في خطابة محاضرة في فن الدبلوماسية والإتكيت والكياسة والسياسة، بلغة إنجليزية ناصعة بليغة فصيحة رصينة؛ بعكس سفير (بورت كيزان) الذي طفق يبرطع بعامية سودانية ركيكة فأخجلنا وأماتنا.
لخص سفير دولة الإمارات الشقيقة حديثه في أربع نقاط، عبّر من خلالها عن تطلعات الشعب السوداني حتى بدا وكأنه سفيراً للسودان وليس للإمارات الشقيقة، خصوصاً أنه استهل حديثة بأن (الحارث) هذا، لا يمثل السودان بل يمثل أحد أطراف النزاع، وهذه حقيقة، فالرجل مندوب الكيزان والبرهان ولا علاقة له بتمثيل الشعب السوداني.
وطالب السفير الإماراتي في كلمته بإنقاذ الشعب السوداني من الكارثة الإنسانية والمجاعة القادمة من خلال وقف إطلاق النار الشامل توطئة لإيصال المساعدات الإنسانية، ثم الذهاب إلى المفاوضات وايقاف الحرب والشروع في عملية سياسية وتوقيع اتفاق يفضي إلى حكومة مدنية انتقالية، أليست هذه هي مطالب الشعب السوداني ومطالب العالم بأسرة، يطرحها السفير الإماراتي المحترم، فيما ترك ممثل (الإخوان) يغرق في أوهامه وخزعبلاته يلطم خديه ويشق جيبه، ويفجّر ينابيعاً من الكذب يُغرق بها مجلس الأمن الدولي، فيا للعار الدبلوماسي والفضيحة التي أوقعنا فيها برهان وكيزانه، عليهم اللعنة.
تبقى رجاء وكلمة نوجهها لحكام وشعب دولة الامارات العربية الشقيقة، ونقول لهم: لا تؤاخذوننا بما فعل السفهاء منا.
بقلم منعم سليمان