اكثر من ٣٦٠ يوما قضاها الحاج حسن العطا يحسب في خطوات رجعته إلى مدينة امدرمان، ويحلم بفتح متجره العتيق في سوق الشجرة، بدا الرجل السبعيني يتمعن في حبات سبحته البلورية التي شهدت معاناة رحلته المهولة في قطع مجاهيل الصحراء بين السودان ومصر وتلك الايام الكالحات التي اضجعت أمن أسرته الممتدة وجعلته يتسلل من داره بعد أن تسلل عدد من جنود الجيش اسوار بيته واخرجوه غصبا بعد إتهامه بمنصارة الدعم السريع ، ونهب منزله، ولم يجد سوى طريق ممتد يقذف به إلي خارج مدينة امدرمان.
وتشير تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في القاهرة إلي فرار أكثر من مليون ونصف سوداني إلى مصر عقب إندلاع حرب الخامس عشر من ابريل ٢٠٢٣، فيما تحذر منظمات إنسانية من تردي أوضاع اللاجئين السودانيين في مصر بعد مرور عام من الحرب الدامية وفشل كل محاولات المجتمع الإقليمي والدولي لوقف نزيف الدماء.
وتواجه الآلاف الأسر مصيرا مجهولا بعد فقدان مدخراتها البسيطة وفقدان وسائل كسب العيش وخاصة أن معظم تلك الأسر تعتمد على مرتبات عوائلهم في القطاع الحكومي أو الخاص بجانب الأعمال الحرة أو الإستفادة من عوائد الإستثمار في العقارات.
ويري الباحث الاجتماعي احمد الامين الشنقيطي أن الأسر السودانية تعيش في اسوأ أيامها بعد تطاول أمد الحرب بما ينعكس في حالات اكتئاب حادة مصحوبا بانهيارات نفسية، ما اسهم في إرتفاع حالات الانتحار والجنون، حيث تم رصد عدد كبير من الحالات بواسطة منظمات دولية تعمل في دعم الحالات النفسية للاجئين السودانيين.
ويمضي الشنقيطي إلي أن خطاب الدعوة لاستمرار الحرب بواسطة البرهان وأنصاره من فلول النظام البائد دون مراعاة لظروف ملايين السودانيين الذين فقدوا المأوى والأمان يجعلهم أكثر بؤسا لتوقع مستقبل أكثر قتامة، ويضيف الشنقيطي إلي أن الدولة المصرية نفسها تمر بأزمة اقتصادية معقدة بما يجعل اللاجئين أكثر استهدافا من المواطن المصري الذي يري فيه سببا للأزمة التي يعاني منها الشعب المصري ، وبالتالي تضاف معاناة أخري للاجئين بالتحرش المستمر الذي يواجهه في الشارع.
وتقول حنان حسن الطيب “ربة منزل” أن جحيم اللجؤ انعكس علي أطفالها الذين فقدوا عامهم الدراسي بجانب الكبار الذين تجمدت دراستهم الجامعية لأكثر من عامين سابقين واصبحوا مجرد أشباح بلا آمال وتطلعات للمستقبل.
وتضيف بأن من المؤسف أن تفكر حكومة بورتسودان في فتح المدارس في بعض الولايات وترك ملايين الطلاب في مهب الريح، بجانب المعاناة المعيشية لأغلب الأسر السودانية التي يتناول معظمها وجبة واحدة في اليوم.
وفي المقابل يرى السيد حسن السيد بان المعاناة الكبري التي تواجه السوداني تتمثل في إجراء معاملة مع السفارة السودانية في القاهرة ، وخاصة أن معظم السودانيين وصلوا القاهرة بلا مستندات ثبوتية حيث يبلغ قيمة استخراج جواز السفر مبلغ ٨٠٠٠ جنيه مصري ما يعادل ٢٠٠دولار ولك أن تتخيل أن أقل أسرة تتكون من خمسة أشخاص أي أنه يحتاج لمبلغ ١٠٠٠ دولار، وقس علي ذلك بقية المعاملات القنصلية، ويضيف السيد بان السفارة أصبحت تصرف علي حملات الجيش من جيوب اللاجئين الذين تشردوا بفعل سياساتها الخاطئة واشعالها الحرب والتهديد بها قبل اندلاعها.
ليالي الذل والطرب..
ويتاسف عدد كبير من المراقبين لأحوال اللاجئين السودانيين في القاهرة لتنامي ظاهرة الحفلات الليلية ومظاهر البهجة والبازارات التي تقيمها أسر وفنانات ومطربين سودانيين يرتبطون بفلول النظام السابق وطبقته الطفيلية دون احساس بمعاناة الملايين من السودانيين المشردين في الملاجئ ومعسكرات النزوح، بما جعل الشارع المصري يتندر على هذا التناقض التعيس، وبل أن هناك تقام حفلات للتبرع للجيش من عرق (القنوات”واهتزاز “كروش”رجال أعمال وصحفيين امتهنوا الارتزاق علي جثة محمد احمد المسكين.
وما يؤسف له يقوله الطيب رحمة الله بأن هناك من يستغل جسد الفتيات اللاجئات باستئجار الشقق المفروشة لهتك الأعراض باسم “براؤون يا رسول الله”.