الخرطوم : أحمد جبارة
حذر الحزب الشيوعي والامة ، من تعرض السودان لمجاعة ، ووفقا لسكرتير الحزب الشيوعي محمد المختار الخطيب ، فإن إستمرار الحكومة الانتقالية في سياسة النظام السابق سيؤدي إلى مجاعة والتي -بحسب مختار – فإن نذرها قد بدأ في الظهور ، ودعا الخطيب الذي تحدث في مؤتمر صحفي الاسبوع الماضي ، الحكومة لإتخاذ إجراءات لمنع وقوع المجاعة، من بينها إعلان حالة طوارئ زراعية ، وتوجيه الإمكانيات لإنقاذ الموسم الزراعي الصيفي في المشاريع المروية، إضافة لتوفير التقاوى ومعينات الحصاد وزيادة الرقعة الزراعية ، في وقت اتفق فيه رئيس حزب الامة اللواء فصل الله برمة مع ما ذهب إليه الخطيب ، والذي قال بدوره ، إن حدوث مجاعة في السودان وارد ، داعيا إلى ضرورة تفاديها بحيث يكون هنالك تركيز من الحكومة على الزراعة .. وسط هذه التوقعات تبرز أسئلة عريضة وسط المراقبين فحواها : هل ستحدث مجاعة في السودان ؟ وماهي الحلول المطروحة لتفادي المجاعة في السودان ؟
- أرقام مخيفة
الشاهد أن الارقام التي قدمتها منظمة الاغذية والزراعة للأمم المتحدة بشأن السودان تبدو مخيفة ، حيث أشارت الاسبوع الماضي ، إلى أن 9.8 ملايين شخص في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء البلاد طوال موسم الجفاف من يونيو إلى سبتمبر ، وتوقعت المنظمة أن يواجه أكثر من 20 في المائة من سكان السودان انعدام الأمن الغذائي الحاد ابتداءً من هذا الشهر، وهو أعلى رقم تم الإبلاغ عنه في تاريخ التصنيف الدولي للبراءات في السودان ، وقالت إن الهدف الرئيسي للسودان يتمثل في وزارة الزراعة والغابات، بحيث يكافحان الفقر وتوفير الغذاء للمواطنين، وقال باباغانا أحمدو، ممثل “الفاو” في السودان ” إن الإنتاج الزراعي يسهم في تعزيز سبل كسب العيش، وينقذ الأرواح ، وتابع ، هناك حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية سبل كسب العيش وتعزيز الانتعاش من خلال التدخلات النقدية، والتغذية التكميلية للماشية، واستعادة وسائل وسبل كسب العيش وحزم الزراعة” ، فيما قال إيدي رو، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان: “مطلوب اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، وهذه هي أولويتنا بصفتنا برنامج الأغذية العالمي، لا يتعلق الأمر فقط بإنقاذ الأرواح؛ يتعلق الأمر بتغيير الحياة” ، وأضاف “يجب على جميع الشركاء – الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية والحكومة والقطاع الخاص، بما في ذلك المستثمرين المحتملين، أن يتحدوا معاً للحد من انعدام الأمن الغذائي في البلاد حتى نتمكن من القضاء على الجوع بحلول عام 2030”. - غلاء الاسعار
وتشهد الأسواق السودانية ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع والخدمات ، لاسيما المنتجات الغذائية ، وهو الأمر الذي جعل المواطن ينأى عن شراء إحتياجاته الضرورية ، في وقت يشهد في السودان وضع إقتصادي متقلب ، ويعاني مع ركود في السلع والخدمات ، فضلا عن التدهور البيئي وزيادة معدلات التضخم ، كلها عوامل تمثل تحديات كبيرة متعلقة بالجوع .
*قدوم المجاعة
ويتفق القيادي بالحزب الشيوعي والخبير الاقتصادي ، كمال كرار مع سابقيه ، إذ يؤكد أن المجاعة قادمة لامحال ، لافتا إلى أن حدوث مجاعة في السودان مبني على معلومات تتعلق بالقطاع الزراعي الحالي لجهة أن الشواهد تؤكد فشل المشروع الزراعي والذي ينعكس على الانتاج ، وارجع السبب إلى ما أسماه المشكلة المالية ، إضافة إلى تكاليف الانتاج ، واعتبر كرار في حديثه لـ(الجريدة ) أن المجاعة حتمية ، وأن الدولة لا تملك إستراجية للإنتاج الزراعي ، بجانب إنه تتركه للصدفة أو البنوك التجارية والتي تهتم بالربح وليس تمويل الزراعة ، وقال كرار ، إن حدوث مجاعة في السودان ستكون لمصلحة الفئيات التي تستورد السلع الاستهلاكيه مثل القمح ، باعتبارها ستسيطر عليه وتكون الرابح الاول من عملية الاستيراد .
*وصفة سحرية
ولتفادي حدوث مجاعة في السودان ، يشدد الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي على ضرورة الاعتماد على الزراعة و المزارع السوداني لجهة إنه يملك العديد من المقومات التي تمكن السودان من تحقيق الأمن الغذائي على مستوى جميع السلع والمنتجات الزراعية ، وتابع ، يمكن أن يكون السودان منطقة انتاج للمواد الغذائية ومصدرا لإنتاج غذائي غزير إذا أقبل عليه المستثمرون بأموالهم في شتى المجالات، خاصة اننا جربنا من قبل الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الزراعية الإستراتيجية ، واردف ، الان السودان يستورد غذاء بما يعادل ربع قيمة فاتورة الواردات، بالرغم من وجود أراضٍ زراعية قادرة على تحقيق اكتفاء ذاتي للسودان ، مستدركا ، لكن الحرب والنزاع الدائر وعدم الاستقرارالسياسي والامنى، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية سابقاً عطلت بشكل كبير التنمية الزراعية ، وأكد فتحي لـ(الجريدة ): أن هناك حاجة لإتخاذ إجراءات عاجلة لحماية سبل كسب العيش وتعزيز التعافي من خلال التدخلات النقدية والتغذية التكميلية للماشية واستعادة سبل كسب العيش والحزم الزراعية ، ويضيف ، الوضع الحالي لتحقيق الأمن الغذائي يتطلب زيادة الاستثمارات الموجهة للأنشطة الزراعية مع التوسع الرأسي في الزراعة من خلال إضافة أصناف نباتية جديدة واتباع ممارسات زراعية حديثة والتوسع في الزراعة المحمية، إلى جانب تدعيم أنشطة الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي ، كما طالب فتحي بضرورة دعم الصادرات الزراعية من خلال اعفائها من الرسوم ، وتقديم حوافز للمصدرين ، وتوفير وسائل شحن مختلفة ، وطالب فتحي ايضا بضرورة دراسة الأسواق الخارجية من جهة احتياجاتها من المنتجات الزراعية السودانية، باعتبار أن هنالك أصناف مطلوبة كنظام الزراعات التعاقدية والذي -بحسب فتحي- يجب أن يكون معه تفعيل الإرشاد الزراعي والتسويقي ، وقال فتحي إن السودان يمتلك الكثير من المقومات الزراعية ومقومات التصنيع الزراعي، مشددا على ضرورة تشجيع الاستثمار في القطاع الزراعي، وتسهيل إجراءاته وسن تشريعات ملائمة، تضمن للمستثمر بيئة خصبة لضخ أمواله في هذا المجال ، والذي يرى إنه مهم و من مجالات الاستثمار، وأضاف ، كذلك يجب تشجيع القطاع الخاص باعتباره استثمارًا آمنًا وذا جدوى اقتصادية عالية. - مؤشرات المجاعة
عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله يذهب في حديثه لـ(الجريدة ): إلى أن وظيفة الدولة الاساسية يحب أن توفر السلع الضرورية وتدعمها ، بجانب توفير الخدمات مثل الصحة والتعليم ، مستدركا ، لكن الحكومة الان حادت عن هذا الطريق وهو ذات الامر الذي جعل مؤشرات الفقر تزيد ، ومعدلات التضخم والبطالة ، وأصفا الامر بالخطير ، واتهم خلف الله الدولة بتبنيها لسياسات النظام السابق و التي يرى إنها سياسات تجعل الدولة تخرج من رعاية المواطنيين ، وأضاف ، كل الانظمة التي حكمت السودان كانت اقرب لمفهوم دولة الرعاية بمعنى إنها تدعم السلع الاساسية والخدمات ، لافتا إلى أن ذات الدعم كان يقود إلى إستقرار إقتصادي وأجتماعي ، وقال إن خروج الحكومة عن هذه الدوائر زاد الفقر وحدثت عدم عدالة في توزيع الثورة ، والتي يرى إنها كانت متمركزة عند فيئة محددة في المجتمع ، واتفق عادل مع سابقيه على ضرورة دعم الدولة للإنتاج وتبني سياسيات تشجيعية وتحفزية للمزارعين والحرفين ، لافتا إلى أن تحرير الوقود سيخرج فئات إجتماعية من دائرة الانتاج وهو الأمر الذي يجعل الاقتصاد في مرحلة إنتكاسة وبدوره يقلل الصادرات ، ويجعل الدول تستورد ولا تنتج .