رصد : رؤى نيــوز
– مرحباً بالأقلام التائبة .. (البكاؤون) ..!! عنوان شهير لكاتب العمود المخضرم محمد عبد القادر “أبو حباب” الذي وصف فيه “البكاؤون” بـ”زملائه من الكتاب الصحفيين الذين يذرفون الدمع هذه الأيام وينتحبون أسى وحسرة على ما آل إليه مشروع التغيير وهو يتحول إلى نكسات وخيبات وأزمات تحاصر الوطن من كل جانب”.
– زخم كبير من الانتقادات والتحولات الكبيرة في اتجاهات أقلام كتاب الأعمدة الذين انتقلوا من خانة المؤيد والمساند لسياسات الحكومة الانتقالية في أعقاب التغيير وحراك ثورة ١٩ ديسمبر إلى خانة السخط والكيل الثقيل لما آلت إليه الوقائع المعيشية والحياتية ومستوى الخدمات وتفشي الفقر والفاقة وسط شرائح الشعب السوداني المختلفة.
– أقلام كبيرة كانت في خط الدفاع الأول لحراك التغيير أصبحت الآن في خط المواجهة الصريحة وباتت أعمدتهم الصحفية لاتخلو من النقد اللاذع والحنق على تدهور الأوضاع وسيرها نحو الأسوأ يوماً بعد آخر حتى بات الشارع يغلي كالمرجل ..
– أقلام باتت تطالب بسقوط الحكومة وأخرى تطالب بالبدائل التي تعين المواطن البسيط لقضاء حاجاته الأساسية .. لم أكن أتوقع تلك التحولات في أقلام كتاب الأعمدة من قبيل عثمان ميرغني، سهير عبدالرحيم، محمد عبدالماجد، حيدر خيرالله، رشان أوشي، عائشة الماجدي وشمائل النور وبقية العقد الفريد من كتاب الأعمدة الذين أسندوا التغيير وخيبت الحاضنة السياسية رجاءهم في نضوج الفكرة وتقديم نموذج يخرج الوطن من أزماته المزمنة وجراحاته المعقدة.
– اشتهر عدد من كتاب الأعمدة بالمفردة الساخرة التي تطرح الأحداث في قالب كوميدي أو تراجيدي تجعل القارئ متتبعاً لكل ما يكتبه صاحب العمود بصورة راتبة ويومية .. وللعمود أهمية قصوى في صفحات الجريدة .. ولنجوم كتاب الأعمدة الشهيرة مكانة مفصلية مهمة في هيئة التحرير، إذ لاتخلو صحيفة من الترويج لزيادة التوزيع في الإصدارة الواحدة من أحد كتاب الأعمدة “النجوم” وفي كثير من الأحيان تزيد القيمة المادية التي يتقاضاها كاتب العمود الصحفي على مرتب رئيس التحرير نفسه خاصة كتاب الأعمدة من الصف الأول الذين تعتمد عليهم الصحيفة في زيادة مبيعاتها وإقبال المعلنين عليها رغبة في انتشار الإعلانات وسط عدد كبير من القراء.
– يعد العمود الصحفي انطباعاً وحديثاً شخصياً يومياً أو أسبوعياً لكاتب يوقع باسمه يستعير له عنواناً يعبر عن الحالة والميول النفسية والأيديولوجية والسياسية والاجتماعية لصاحبه.. والعمود الصحفي يمثل فكرة أو رأياً للكاتب حول واقعة أو ظاهرة اجتماعية أو سياسية أو ثقافية.. ذلك إن غايته الأساسية ربط القارئ بالكاتب والصحيفة أو الجريدة ..
– كاتب العمود الصحفي هو الذي يتناول المواضيع اليومية في الصحيفة ويكون محايداً فيما يتعلق بسياسة المؤسسة التي يعمل بها ويحق له أن ينتقد التنظيمات السياسية والاجتماعية والأفراد ولكن مقابل ذلك يجب أن لا يدخل نفسه في التنميط السياسي والدفاع عن باطل يراه كل الناس وعامتهم مرأى العين إلا هو يظل يلتف حول نفسه تأخذه العزة بالإثم نظير تحول قلمه ناحية النقد خجلاً من مواقفه السابقة..
– كاتب العمود كائن حي يعيش مع الأحداث ويقرأ أين تتجه بوصلة الاتجاه الصحيح، لذلك أجد نفسي متفائلاً تجاه التحولات الكبيرة لكتاب الأعمدة المحسوبين على الحاضنة السياسية الحاكمة والوقوف إلى جانب التزام الحق وقول الرأي السديد دون تمترس وراء جهالات الانتماء وكراهية الطرف الآخر لان أولاً وأخيراً كاتب العمود الصحفي قائد وموجه للرأي العام يجب أن يجعل قلمه في خدمة المواطن لا لخدمة الأجندة السياسية.