الخرطوم : أحمد عمر خوجلي – خالدة اللقاني
حوالى التاسعة من أمسية الأحد الماضي أنهى طبيب الأنف والأذن والحنجرة مجدي أحمد الرشيد عمله بمشفى البراحة في الخرطوم بحري بضاحية شمبات ، د. مجدي في الثالثة والأربعين من العمر على قدر كبير من الوسامة والطيبة وخفة الدم والبراعة في مجال تخصصه ، يعمل أيضاً في مشفى بست كير بالخرطوم . عندما غادر مجدي قاصداً البيت لم يكن يدري المصير الصعب الذي ينتظره وينتظر كل أسرته الكبير والصغيرة ومعارفه ومرضاه وزملاءه ، فقد خطط المجرمون – فيما بدا – لجريمتهم المروعة على نار هادئة وبدراسة متأنية ورصد طويل ومعرفة لصيقة بتحركات الأسرة التي تتكون من خمسة أفراد لكن في المنزل حيث تم تنفيذ الجريمة البشعة التي راح بسببها مجدي ووالدته لم يكن من مقيم سوى الضحيتين .
المنزل الخالي
في قلب العاصمة الخرطوم وتحديداً في منطقة العمارات شارع ٥١ يوجد منزل أسرة الدكتور أخصائي الأنف والأذن والحنجرة د. مجدي أحمد الرشيد مع والدته آمال ذات الجنسية المصرية في مبنى عتيق مكون من ثلاثة طوابق الأرضي مطلي باللون البرتقالي ويقع وسط مجموعة من الشركات والمؤسسات يطل على شارع العمارات الأوسط الممتد من الشمال إلى الجنوب ، المبنى هو منزل الأسرة فوالده د. أحمد الرشيد أخصائي الجراحة العامة الشهير بشارع الحوادث بالخرطوم وقد توفى في العام ٢٠١٧ وأصبحت الشقة الأرضية مكان إقامته خالية… أما الطابق الأول يقيم فيه د. مجدي ووالدته ويليه الطابق الثاني حيث تقبع شقق أشقائه الآخرين إثنان منهم خارج السودان وهم. د. عادل أخصائي جراحة الفكين ببريطانيا وسوزان خريجة كمبيوتر مان تقيم مع أسرتها بالدوحة وغادة مقيمة ما بين السودان و بريطانيا لارتباطها بدراسة أبنائها ونسبة لخلافات أسرية عادية نشبت بينها وبين أخيها د. مجدي أغلقت شقتها وسكنت خارج منزل الأسرة. لذلك ظل المنزل هادئاً ليس فيه سوى مجدي ووالدته وهناك شغالة أصبحت من طول إقامتها وخدمتها معهم أحد أفراد الأسرة ، وبالمنزل خفير له غرفه خارجية وعمل في هذه الوظيفة أولاً شخص إثيوبي الجنسية كان على مستوى من الأمانة والالتزام والوفاء لأصحاب الدار لكنه ترك العمل وقبل فترة قليلة من حدوث الجريمة تم تعيين آخر من جنوب السودان الشقيق ليس هناك من يعلم عنه شيئاً سوى الضحية ووالدته .
في منزل العزاء ولا عزاء
بعد سيل منهمر في وسائل التواصل الاجتماعي وأقوال متضاربة إشاعات وتهم مجانية اشتكى منها آل الأسرة المنكوبة ومحققو الشرطة ، سارعنا قاصدين مقر الحادث في ضاحية العمارات وعند وصولنا إلى هناك لم نجد أي أثر لعزاء إلا من ٣ كراسي و”بمبر” ووجود رجل و امرأة فقط حافظة ماء زرقاء على حائط العقار المقابل للمنزل المكلوم ، اقتربنا منهم وقمنا بواجب العزاء وكعادة السودانيين وبساطتهم المعروفة عرفتنا المرأة بنفسها إنها إبنة عم الدكتور مجدي والجالس بجانبها هو أيضاً إبن عم د. مجدي فهم أقارب من الدرجة الأولى ظلوا طوال النهار مرابطين ويخلفهم عند المساء آخرون من شباب العائلة يمكثون حتى الصباح .
إفادة نوال
.
قالت نوال إنه في يوم اكتشاف الحادثة اتصلت عليها سوزان أحمد الرشيد من الدوحة أخت القتيل د. مجدي وإبنة القتيلة أمال أحمد محيي الدين ترك
وطلبت منها الاطمئنان على والدتها وتذكيرها لأخذ جرعة لقاح كورونا لأن والدتها وأخاها لا يستيجيبان لاتصالاتها طوال اليومين الماضيين .. مع العلم وأشارت نوال إلى إنها ظلت على تواصل مع القتيلة أمال حتى يوم الجمعة أي قبل الحادث بيومين… بعد اتصال سوزان ذهبت إلى منزل القتيلة وظلت تتصل عليها بينما كانت تدق عليها على الأبواب ولا مجيب ، لاحظت آمال انبعاث رائحة كريهة من الداخل و نفاذة تنبعث من داخل المنزل هنا أحسست بشيء من الخوف وقمت بالإتصال على إبن عمي اللواء كمال وأخبرته بأن أبواب المنزل مغلقة وهناك رائحة كريهة نفاذة تحيط بالمنزل وعلى الفور تم إبلاغ الشرطة التي حضرت على الفور وطوقت المكان بحضور مسرح الحادث والأدلة الجنائية لتتوالى بعد ذلك وتتلاحق الأحداث .
السيارة القديمة
قبل أن يتم كسر الباب وجدت سيارة د. مجدي القديمة تريوس خارجاً وإنها موجودة من قبل ٣ أيام بشهادة الجيران الذين يعلمون إن د. مجدي حريص جداً بعدم تركها خارجاً لكن الواضح أن القتيل أدخل العربة إلى المنزل وقبل أن يدخل إلى الهول عاجله أحدهم بضربة في الرأس ثم تم سحبه إلى غرفة الغفير .. ثم تم إخراج السيارة القديمة مرة أخرى في ناحية العقار المقابل للمنزل وإخراج التوسان الجديدة التي اشتراها القتيل بـ 8 مليار جنيه .
حقيقة ما حدث
وعندما دخلت الشرطة المنزل كانت الرائحة تنبعث من غرفة خارجية “غرفة الغفير” والتي وجدت فيها جثة دكتور مجدي متحللة والدماء تحيط بها من كل جانب حتى مدخل السلم الذي يبدو أن القاتل داهم القتيل بعد دخوله إلى المنزل وشروعه فتح المدخل الداخلي فارتكب جريمته بضربه على رأسه بآلة حادة عند مدخل السلم ولم يترك له مجال الدخول إلى داخل البيت… و واصلت الشرطة بحثها في الطابق الأول حيث الشقة التي يسكن فيها مجدي ووالدته ووجدوا جثة والدته أمال مقيدة بقطع ملاية في أياديها وأرجلها ومخنوقة بكرافتة ولم تتحلل جثتها داخل غرفتها نسبة لوجود المكيف والمروحة اللتين حافظتا على برودة المكان برغم من انقطاع التيار المتكرر في خلال الثلاثة أيام.
مرض الشغالة
من خلال جولتنا حول مسرح الحادث وجدنا طبيباً شاباً من أقرباء د. مجدي والذي قال إن د. مجدي ووالدته أمال سيرتهم طيبة بين الأهل وإن الكورونا هي التي جعلت التواصل قليلاً بين الأهل وإن والدة المرحوم لها نظام محدد في التعامل مع المعارف والأهل والزيارات لها قواعد و بروتوكول في منزلهم أي بمواعيد مسبقة وهذا نسبة لاختلاف عاداتهم عن السودانيين فهي من أصول مصرية.
ويواصل إن هناك شغالة تعمل بالمنزل من ٣٠ عاماً وتقطن في مدينة الحاج يوسف تأتي يومياً لإنجاز مهامها وترجع آخر اليوم ولكنها مرضت في آخر ٣ أيام قبل الحادث المشؤوم ولكنها أرسلت إبنتها لتنوب عنها في العمل.
أسباب الجريمة
هناك كثير من اللغط يدور حول هذه الجريمة المعقدة وفقدان سيارة مجدي الجديدة توسان ٢٠٢٠ التي لم يتم ترخيصها بعد فقدت من داخل المنزل في يوم الجريمة وبعض الأهل القريبين يقولون إن القاتل كان يبحث عن أوراق محددة وهنا يكمن اللغز ماهي الأوراق التي كان يبحث عنها القاتل هل هي أوراق العربة الجديدة أم أوراق أخرى، لكن الراجح أن العربة الجديدة هي الدافع المحتمل لهذه الجريمة ، المجموعة التي ارتكبت الجريمة حرصت على إغلاق المنزل بالمفاتيح ولأنها تعلم طبيعة المنزل المعزولة تتيح لهم وقتاً للهروب البعيد ربما خارج العاصمة وخارج السودان .
إنتهاء مرحلة
ظهيرة السبت ستتم موارة مجدي ووالدته الثرى في مقابر الصحافة مباشرة من مشرحة بشائر جنوبي الخرطوم ولا بد أن تقرير الطبيب الشرعي قد حوى الكثير من التفاصيل ، وبذلك ستبدأ مرحلة جديدة من مراحل البحث والتقصي التي يقودها تيم شرطي قمة المهنية والاحتراف … وجهاز الشرطة فيما يلي الجرائم الكبيرة التي تهز الرأي العام تعود أن يصل إلى الفاعلين بسرعة ومهنية مطلوبة