طالعنا في الساعات الماضية تصريح من وزير الطاقة و التعدين أكد فيه بوجود ترتيبات لتحرير أسعار الوقود و أعلن أن الأمر ليس بسري و انهم كحكومة لا يخفون هذه الترتيبات ، لكي نوضح للقارئ الكريم ان “تحرير الوقود” هو اسم الدلع لرفع الدعم و تتابعت الأخبار بأن الشركات الخاصة أعطيت الضوء الأخضر لإستيراد الوقود بالسعر العالمي ، تطبيق هذا القرار فعليا في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة بالنسبة للمواطن السوداني هو رفع الدعم عن الحياة، و صعوبة بالغة للمواطن البسيط في توفير احتياجاته الأساسية ، بالرجوع للماضي كانت حكومة حمدوك منذ أيامها الأولى تسعى لرفع الدعم لكن ضغط الشارع أجل التطبيق لشهور و حتى في المؤتمر الإقتصادي الذي نظم في الشهر الماضي نوقش ملف رفع الدعم و وجد انقسام كبير بين المؤتمرين و حتى في التوصيات أشير له بإستحياء ، تتذكر حكومة حمدوك أن قضية رفع الدعم عن السلع الأساسية كانت أولى مسببات تغيير النظام السابق و لذلك تضرب “أخماس في أسداس” ، إذا فكيف لحكومة الثورة أن تسير في نفس منوال حكومة البشير في سنينها الأخيرة بل أسوأ مرات و مرات لأن التدهور الاقتصادي الحالي أقل ما يمكن وصفه بالإنهيار الكامل و بالتالي تضييق الخناق على الشعب السوداني في استمرار حياته بكرامة أكثر فأكثر.
رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك أدلى بتصريح للصحافة الأمريكية قبل أيام أعلن فيه أن الانتقال الديمقراطي في السودان أصبح مهددا الان ، حديث تجاوز فيه السيد حمدوك تصريحاته السابقة و عبارات “الانتصار” و “العبور” التي مل الشعب من سماعها ، بالتأكيد يبرز التحدي الإقتصادي من أخطر مهددات الفترة الانتقالية لأن المواطن السوداني صار لا يحتمل زيادات الأسعار في صباح كل يوم، ارتفاع لا يطاق البته ، و من الواضح أن الحكومة ليس لها خطط و استراتيجيات للخروج من الأزمة و تلجأ لأسهل الطرق برفع الدعم عن الوقود ، فشل الحكومة متمدد حيث فشلت وزارة الصناعة والتجارة في إدارة ملف الصادرات و شهدنا خسارة ملايين الدولارات في قطاعات الماشية و الفول السوداني و غيرها من السلع المهمة التي كانت تدر نقد اجنبي للدولة.
اعتذر الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي للشعب السوداني عن الوقوف في الصفوف لساعات طويلة يبحث عن خبز ليأكله أو وقود ، فعلا و من المؤكد أن الشعب يستحق الاعتذار له لما يعانيه يوميا من أزمات ، فرح الشعب السوداني بتوقيع اتفاقية السلام و نتمنى أن يعقبها تغيير حقيقي في شكل الحكومة و تتفرغ فقط للملف الأول الوضع الاقتصادي للشعب السوداني ، في اعتقادي أن المواطن لن يحتمل صبره أكثر من ذلك و قد يخرج للشارع مرة أخرى لإسقاط حكومة حمدوك لأن الإنهيار الإقتصادي كبير ناهيك عن مجالات الصحة و التعليم التي لم نتحدث عنها و تشهد ضعف مؤسسي و تردي في الخدمات، نحن أمام مفترق طرق حقيقي و هذه المرة بدون لافتات سياسية بل اقتصاد يمس حياة المواطنين.
13 أكتوبر 2020م