اعتقال معمر موسى :
في يوم 2 يونيو 2020 ذهب أ.معمر موسى رئيس الحراك الشعبي الموحد “حشد” برفقة بعض الشباب إلى مقر نيابة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة “زعموا” لمعرفة الوضع القانوني لبعض معتقلي الرأي وفي مقدمتهم المرحوم م.الطيب مصطفى والذي اعتقلته ذات اللجنة بسبب إنتقاداته المستمرة لحكومة الفترة الانتقالية ولجنة إزالة التمكين، بعد أن وصل أ. معمر ومعه الشباب إلتف حوله شباب منسوبين لحكومة أحزاب قوى الحرية و التغيير وسألوه “إنت الجابك هنا شنو ؟” ثم طلبوا منه جواله المحمول فرفض، بعدها قاموا بالإعتداء عليه في مرأى الشرطة، تحرك الشباب المرافقين لمعمر للطلب من أفراد الشرطة لوقف “البلطجة” والعبث بحرية الآخرين، ولكن تواطأ الضابط المكلف المدعو مقدم عبدالله سليمان مع المعتدين و لم يقم بواجبه بحماية معمر بل قام بإقتياده بمعاونة أفراد الشرطة إلى عربة البوليس وبعدها إلى قسم الشرطة بالمقرن دون توجيه تهمة توقيف معلومة ودون فتح بلاغ محدد المواد ضده وأفاد شهود عيان أن المقدم المذكور أعلاه قام بنزع الجوال الخاص بالمتهم البريء بل لم يسجله كمعروضات، ووصل معمر قسم شرطة المقرن دون هاتفه الخاص
ردود فعل :
استنكر نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي الطريقة التي تم اعتقال معمر بها بعد تداولها في مقطع فديو مصور من أحد الحاضرين أثناء الاعتقال ووصفها البعض بالمشينة في السودان الجديد ودعا آخرين إلى استنكار مثل هكذا مواقف انزالا لشعارات ثورة ديسمبر المجيدة على أرض الواقع – حرية سلام عدالة – ورفضا لاستمرار سياسات النظام القديم، حتى لا يكون استبدال مقاعد الذين ظلموا أنفسهم بالظالمين، وقد دعا تيار المستقبل إلى إقامة وقفات إحتجاجية أمام النيابة العامة تم الإعلان لها في مؤتمرات صحفية ووجدت الدعوة حظها من التضامن الكبير والتعاطف الشعبي الغير محدود وتم تنفيذها أمام الجهات المختصة ووهجت رسائل تدعو إلى : أولا : إخبار الرأي العام بتهمة معمر .ثانيا : تقديم المتهم لمحاكمة أو إطلاق سراحه.ثالثا : أحقية المتهم في الضمانة العادية التي قبلها النائب العام ورفضتها جهات داخل الشرطة.أقام محبي المتهم وأنصار العدالة في ولايات السودان المختلفة عدة وقفات احتجاجية أمام النيابات المختصة تطالب بالانتصار لقيم الثورة السمحاء وتحقيق العدالة في السودان بعد الثورة ورفض سياسات النظائم البائد وأساليبه الرخيصة في تكميم الأفواه.
اعتصام العدالة :
بعد استمرار اعتقال معمر لما يقارب العام قرر عدد من الحقوقيين ومناصري العدالة في السودان إقامة اعتصام أمام النيابة العامة ووجهت الدعوة لأسرة معمر في تيار المستقبل ولبت الدعوة وكان أول أيام الاعتصام يوم الإثنين الموافق 24 مايو 2021 واجتمع فيه جمع غفير من أبناء السودان بمختلف طرقهم وطرائقهم وثقافاتهم المختلفة مطالبين بحق أصيل كفلته المواثيق الدولية أولا والوثيقة الدستورية المعدلة وغير المعدلة ثانيا في سودان الحرية الجديد وهو ما ندد به التيار من قبل في وقفاته الإحتجاجية المطالبة بـ :أولا : إطلاق سراح المعتقل ومحاسبة المعتقلين له.ثانيا : تقديم المعتقل إلى محاكمة عادلة إذا وجدت بينة. ثالثا : إطلاق سراح المعتقل بالضمانة العادية.
خرج النائب العام المكلف مولانا مبارك محمود متحدثا إلى المعتصمين بكل احترام وأدب واعداً بالتعامل مع ملف المعتقلين بجدية تامة فإما أن تثبت التهم ويحال الملف إلى القضاء أو يطلق سراح المتهم.
السودان الجديد :
أعتقد أن ما يحدث لمعمر يمثل انتهاكاً لحقوق دستورية متعددة ، أولها الحق في محاكمة منصفة ، لاسيما أن الفصل الرابع عشر المتعلق بوثيقة الحقوق والحريات في وثيقة حكومة حمدوك المعدلة يعطي الحق للمتهم في المحاكمة المنصفة في المادة “51”، والتي تتضمن الحق في إعلام المقبوض عليه بالتهم الموجهة إليه وبحقه الكامل في التقاضي من دون إبطاء بدون أسباب بل يمكن أن تحدث مع محمد وأحمد وعلي وفاطمة وآخرين، اعتصام العدالة بدأ يؤسس للبنة جديدة لوضع السودان الجديد فقد كان الاعتصام رمزا للتنوع الثقافي والمعرفي باستضافته لأطياف مختلفة من المرجعيات الآيديلوجية والسياسية وبدأ الجميع يتحدثون عن الحرية في التعبير للجميع ما دامت في حدود معتبرة ورفض سياسات أجهزة النظام السابق القمعية.
أشاد أ.الصادق سمل باعتصام العدالة قائلا : من أهم الزوايا التي ينبغي أن نهتم بها كسودانيين بعيدا عن الخلاف الأيدولوجي والسياسي مسألة التأسيس الممتاز للعدالة، ويجب أن يؤسس لها بإعتبارها أمر فوق الحكومات وفوق الأحزاب السياسية.
وهاجم القيادي السابق بالحرية والتغيير محمد فاروق سليمان في تصريح نشرته صحيفة الجريدة قائلا : أعتقد أن قضية معمر موسى وميخائيل بطرس قد كشفت خلل كبير، وواضح أن المؤسسات العدلية تحتاج إلى إصلاح كثير.
ودعا الشيخ مهران ماهر(خطيب اعتصام القيادة العامة) المعتصمين في اعتصام العدالة إلى الاستمرار في نصرة المظلومين مع استحضار النية الحسنة لنيل ما عند الله من جزيل الثواب، وحذر فضسلته من خذلان المظلوم، وبين الشيخ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : “ما من امرئ مسلم يخُذلُ امرأً مسلماً في موطن تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موطن يُحبٌّ فيه نُصرته ..”
عدالة الثورة :
من شعارات الثورة المجيدة تحقيق العدالة وسيادة القانون ومن أبجديات العمل القانوني في دولة العدالة المنشودة :
أولا : أن يخبر المعتقل ما هي تهمته.
ثانيا : أن تتحرى مع المتهم في قضيته.
ثالثا : أن لا تجدد الحبس له بدون محاكمة.
رابعا : أن تأتي ببينات أولية لاثبات التهمة.
لو نظرنا على أرض الواقع فالسؤال الذي لا ينتظر إجابته هل تحققت هذه الأبجديات في قضية معمر ؟ فالجواب لا وما اعتقال ميخائيل بطرس بل أقول وقيادات النظام السابق عنكم ببعيد إذا ما الفائدة من اعتقال أمثال معمر ؟
1.معمر شاب ذو مرجعية دينية إسلامية وقد آتاه الله من فصاحة اللسان وقوة البيان والبرهان ما يستطيع أن يمكنه من قيادة الشارع ضد حكومة أحزاب “قحت” من جديد
2.معمر يصعب المزايدة عليه في مسيرة النضال السلمي ضد النظام السابق.
3.معمر يدعو إلى “دك الحكومة” وتشكيلها من جديد برؤية تخالف هوى أحزاب”قحت”.
4.معمر لا يدعو إلى شيطنة الجيش ولم يدعو إلى تفويضه لاستلام السلطة فقد يجد خطابه أذنا صاغية بعد التنمر بين المكون العسكري من جانب والمدني من آخر وربما تتغير سياسته فتغير في ترتيب المشهد من جديد.
5.قضية رفض البعثة الأممية تحت البند السادس أو السابع من أولى إهتمامات معمر الداعي إلى تعريتها ورفضها، ودعاتها هم حاضنة حكومة حمدوك، وإذا فقدت هذه الفرصة من الاحتقان والتوتر والدولة السودانية في أسوء حالاتها وقتها فلن تحصل عليها في القريب
.رفع الاعتصام :
قرر المعتصمين أمام حرم النيابة العامة رفع الاعتصام وإعطاء مهلة محدودة للجهات المختصة لاسيما بعد الاستبشار الذي نتج من اللقاءات المتعددة مع النائب العام المكلف وسط تخوف ووعيد.فعليا لم يحقق رفع الاعتصام الغرض الأساس ولكنه نجح في تحقيق أغراض أغراض أخرى
أولا : أصبحت قضية معمر في الاهتمام بعد أن كانت نسيا منسيا.
ثانيا : وحدت السودانيين بأن لا عودة لسياسيات القمع وتكميم الأفواه في السودان الجديد.
ثالثا : أثبتت لكل الناس بأن ما يحدث لمعمر من انتهاك صريح يمكن أن يحدث مع أي شخص آخر.
رابعا : بينت أن العدالة في السودان الجديد ليست بخير وأن شعار “الحرية” كان شعار مرحلة.
خامسا : فهم الناس أنه عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان بمثل معمر والطوفان على الجميع وفي المثل السوداني ” أخوك كان حلقو ليهو بل رأسك “
سادسا : بينت للسانات والراسطات أن السلطة لها طعم آخر، وأن هذه الحكومة حقا كما قال القائل جاءت إلى السلطة بليل.
سابعا : اتهم أ.هشام عثمان الشواني أ.محمد الفكي عضو المجلس السيادي بحكومة الفترة الانتقالية “حكومة الثورة” بالتسبب في استمرار اعتقال معمر موسى مما يعني إذا صح الاتهام :
- الأجهزة العدلية في السودان بعد البشير ليست كما يريد الثوار.
- لم تكن حكومة الفترة الانتقالية حكومة كفاءات
- اهتمامات حكومة الثورة تتخالف مع اهتمامات الثوار.
- هذه الحكومة الانتقالية هي الوجه الآخر لمن سبقها من الأولين.
- لن يتم تحقيق العدالة لملف قضية فض الاعتصام وقتل الثوارفالمحافظة على كرسي الحكم أولى من ذلك
- إذا كان هذا مستوى تفكيرعضو في مجلس السيادة فمنا ظنك بالآخرين.
ثامنا : أثبت للناس بما لا يدع مجالا للشك بأن أكثر من يكفر بالحرية دعاتها وصدق جعفر السقيد عندما قال : “وانكشف المغطي ستار”