أعجبني تعليق لناشط إعلامي في بوست كتبه صديقي على فيسبوك عن تقدم وانتصار لقواتنا المسلحة في الحدود الشرقية قائلا “الفشقة منطقة حرة الشفتة تطلع برا “فاتخذته عنوانا لهذا المقال وبحثت عن تاريخ النزاع حول منطقة الفشقة التي تقع في الحدود السودانية الشرقية وجدت أنه صراع قديم وقديم جداً، بدأ في بداية خمسينات القرن العشرين، لكنه ظل في حدود معقولة بين زُراع إثيوسودانيين في المنطقة ، إلى أن انقلب نظام الحكم في السودان عام 1989م بزعامة الشيخ حسن الترابي رحمه الله على السلطة القائمة، وقرروا عام 1995 اغتيال الرئيس المصري الأسبق مبارك في أرض الحبشة ، وخسرت محاولتهم وباءت بالفشل ، حينها شعر الراحل مليس زيناوي بطعنة في الظهر، حيثُ كانت علاقاته جيدة بحكومة نظام الرئيس السابق المشير عمر البشير، فتوغل الإثيوبيين بجيشهم داخل الأراضي السودانية، ثم انسحب لاحقاً وبقي في أجزاء من أراضي الفشقتين الصغرى والكبرى بشكل شبة دائم منذ 1989م.
حكومة إثيوپيا (الرسمية) معترفة قانونياً باتفاقية ترسيم الحدود والتي كانت في العام 1902، وتشير الوثيقة الموقعة من قبل الملك منليك مع مندوب بريطانيا هارنغتون وكان قد أعدها الرائد غوين، إلى أحقية السودانيين بأرض الفشقة بحسب الخريطة التي اعتمدها الطرفان، وتظهر الخريطة بنسختها الإنجليزية والأمهرية الإثيوبية سودانية الفشقة وتظهر أيضا الوثائق توقيع منيلك وهارنغتون على اتفاق ترسيم الحدود في اتفاقية 1902م .
في العام 1903 تم وضع العلامات الحدودية بواسطة الرائد غوين بموافقة وتكليف من منليك وممثل بريطانيا بمشاركة القادة المحليين الإثيوبيين في تلك المناطق، وهذه الوثيقة تظهر مشاركة الإثيوبيين في وضع العلامات والتوقيع على ترسيم الحدود، كما بينت أيضا اتفاقية 1972 مع الحكومة السودانية بأن منطقة الفشقة أرضاً سودانية.
في مقطع فيديو يعود تسجيله للعام 2013 قال هيلي : مجموعات الشفتة التي تتحرك من الأراضي الإثيوبية بإتجاه جمهورية السودان تقوم بقتل المواطنين المدنيين السودانيين، ولولا أن العلاقات الودية قوية مع السودان لنشب صراع محتدم معها” وأضاف في فديو آخر أقر فيه باتفاقية 1902 الدولية وأوضح أنه لا يوجد اتفاقية أخرى جديدة لترسيم الحدود، والقاعدة القانونية “الأصل بقاء ما كان على ما كان”.
لو نظرنا على أرض الواقع سنجد الأمر ليس كذلك، فلا تزال أجزاء من الفشقتين تحت سيادة إثيوپية فعليِّة، وسيادة سودانية، ويرى مراقبون أن الهدف الرئيسي لوجود عصابة الشفتة الأثيوبية المسنودة بآليات عسكرية ثقيلة لطرد المزارعين السوادنه، واحتلال أراضيهم الزراعية الخصبة لاستغلالها زراعيا كمورد اقتصادي مهم .
العلاقات الإثيوسودانية علاقة كريمة وممتدة يسودها الحُب والاحترام بين الشعبين لاسيما التعايش السلمي بين شعوب المنطقتين مع بعضهم البعض، لكن! ما يعكر صفو هذه العلاقة ويثير حفيظة الشعب السوداني فيها قضية رفض الجانب الإثيوبي غير المعلن لترسيم الحدود كحل للمشكلة في اعتراف ضمني صارخ يفهم بقبول الجارة إثيوبيا على الانتهكات التي تمارسها الشفته مع سبق الإصرار والترصد، لاسيما وأن السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي وبصفته القائد العام للجيش قد جدد دعوته للحكومة الإثيوبية في محافل عدة ختاما بما جاء في لقاءه التلفزيوني مع قناة فرانس 24 أثناء زيارته إلى دولة فرنسا لحضور مؤتمر فرنسا لدعم الاقتصاد السوداني للاعتراف بترسيم الحدود والاعتراف بالمواثيق والمعاهدات الدولية ودعا العالم لمتابعة هذه القضية المهمة والعادلة وأن الجيش السوداني لم يعتدي على الأراضي الإثيوبية ولا بشبر واحد، والحكومة الإثيوبية مصرة ان ينطبق عليها المثل السوداني المحلي ” عاملين فيها أضان الحامل طرشه”
في الآوِن الأخيرة بعد تقدم القوات المسلحة السودانية وكان ذلك في 4 ديسمبر 2020 وبتواجد مستمر للقيادات العليا للجيش في أرض المعركة وعلى رأسهم السيد القائد العام للقوات المسلحة والفريق أول ركن شمس الدين كباشي والفريق أول ياسر العطا وآخرين وانتشروا في الفشقة الصغرى والكبرى انتشار النار في الهشيم استعاد السودان سيادته ورجعت أراضي عزيزة إلى حضن الوطن بعد غياب دام لنحو 25 عاما وفقد السودان بواسل فدوه بأرواحهم بذلوها رخيصة في سبيل عزته وكرامتة وشموخ إنسانه السوداني العزيز وأذاقوا قوات الشفتة المسنودة سوء العذاب وأفشلت قواتنا مخططهم الخبيث لإيقاف عمليات الحصاد، والاختطاف لآليات المزارعين المدنيين وصدق القائل ” الفشقة منطقة حرة الشفتة تطلع برا “