قد يفشل المسؤول عن فعل شئ، وقد يعجز عن فعل شئ، وقد يُخطئ التقدير في شئ ما، وكل هذا لا ينتقص من قدر المسؤول في حال أن يعترف ويعتذر ثم يجتهد ويُصوِّب الخطأ.. ولكن على المسؤول ألا يكذب على شعبه إطلاقاً، ومهما كانت الأسباب والمواقف.. وناهيك عن الشعب، فالمرء لا يستحق لقب المسؤول – حتى على آل بيته – في حال إدمانه للكذب.. ومع ذلك، بعض الذين يديرون الحياة العامة في بلادنا يتنفّسون الكذب..!!:: وعلى سبيل المثال، يوم الخميس الفائت، كشف النائب العام تاج السر الحبر عن عدم وجود أي بلاغ بالنيابة ضد وزيرة المالية المُنتهي تكليفها هبة محمد علي، من قبل لجنة إزالة التمكين واسترداد الأموال، وموضحاً بالنص: (ليس بطرفنا بلاغ ضد هبة، كما لم يأت للنيابة بلاغ مثل هذا حتى نصدر أوامر بالقبض عليها).. وكان مقرر لجنة إزالة التمكين صلاح مناع قد خاطب ندوة بأم درمان بعكس حديث النائب العام..!!:: حديث مناع مُوثّقٌ في وسائل الإعلام، حيث قال بالنص: (نحن في اللجنة فتحنا بلاغاً وأصدرنا أمر قبض على هبة، وما لاقينها)، هكذا خاطب الحاضرين، متهماً هبة بالوقوف ضد اللجنة والثورة.. وبالمناسبة، قديماً كان كل من يختلف مع سادة النظام السابق – أو يكشف فسادهم – يصبح متهماً بالوقوف ضد الدين والمشروع الحضاري.. واليوم أيضاً، كل من يختلف مع مناع ورفاقه – أو يكشف فسادهم – يصبح متهماً بالوقوف ضد الثورة والديمقراطية..!!:: نعم، فالبعض في السابقين كان يختزل دين الله الحنيف في شخوصهم وأجندتهم الذاتية، أي كما يختزل بعض اللاحقين الثورة والديمقراطية في شخوصهم وأجندتهم الذاتية.. ولا فرق بين هؤلاء وأولئك في إخفاء فشلهم وعجزهم وفسادهم وراء ستار شعاراتهم، ولا فرق بينهم في إرهاب الآخرين بشعاراتهم، ولا فرق بينهم في خداع الشعب بالشعارات.. ومن الطبيعي أن يكذب مناع على الشعب مطمئناً..!!:: ولكن كيف يطمئن الشعب على أمواله التي بطرف لجنة مقررها يكذب، ولا يُحاسب على كذبه؟، مَن المسؤول عن أعضاء هذه اللجنة؟، وكيف تتم المراقبة والمحاسبة؟، أم هي لجنة لعضويتها الحق بأن تفعل ما تشاء بغير مراقبة أو مُساءلة أو حساب؟، وناهيكم عن كذب مناع، كيف تتم إدارة وتشغيل المشاريع المستردة؟، وهل تنتج وتربح كما كانت؟، وهل الآليات والعربات وكل الأصول في الحفظ والصون, أم تتعرّض للاستخدام والسرقة والتلف..؟؟:: منذ ديسمبر 2019، تاريخ تشكيلها، وحتى تاريخ اليوم، أصدرت اللجنة قرارات (كثيرة جداً)، وكلها مجهولة المصير، ومن حق الشعب أن يعرف مصيرها.. كل المشاريع الزراعية، المنازل والقطع السكنية، الشركات والأسهم، البنوك والمزارع والمصانع، المنظمات والجمعيات و.. و.. الكثير من الأموال والأصول المُعلن استردادها، كم هي؟، وأين هي…؟ وكيف تُدار كل هذه الأموال حالياً..؟؟:: وعلى سبيل مثال لإدارة الأموال المستردة، أعلن سامي بله إبراهيم، المفوض لإدارة الشركات المستردة لقطاع الدواجن، عن توزيع الفراخ بالخرطوم بسعر (500 جنيه للكيلو)، موضحاً بأن هذا السعر أقل من (قيمة التكلفة)، وهذا يعني بيع فراخ الشركات المستردة – لسكان الخرطوم -بالخسارة، ونسبة الخسارة (33%)، من سعر الشركات المعلن (750 جنيهاً للكيلو)..!!:: لتبقى الأسئلة، لماذا يُحظى فقط سكان الخرطوم بهذا التخفيض؟، ومَن يتحمّل نسبة الخسارة (33%)؟، وهل للمفوض سامي – أو للجنة إزالة التمكين – سلطة دعم فراخ سكان الخرطوم بـ(33%) من سعره؟، فالشاهد أن دعم كل السلع – بما فيها الفراخ – من سلطات وزارة المالية، وبعد أن تُجاز قيمة الدعم في المجلسين (التشريعي والوزراء)، أو هكذا تُدار الأموال العامة في دولة المؤسسات، وليست دولة مناع العظمى..