القرن الأفريقي من المناطق المهمة في القارة السمراء و تشهد كثير من التحولات الجيوسياسية ، مؤخرا أصبحت منطقة القرن الأفريقي تحت منظار الدول الكبرى في الاقليم و العالم لذلك نجد بحث مستمر لإيجاد موطئ قدم في منطقة شرق القارة، العلاقة بين السودان و إريتريا بعد الثورة اختلفت عما قبلها خاصة في نهايات سنين حكم النظام السابق حيث كانت تشهد توتر كبير في العلاقة احيانا علنا و أخرى صامتة، بعد الثورة حدث انفراج كبير في العلاقة بين الخرطوم و اسمرا و حدث تقارب في عدد من الملفات الاستراتيجية و وضح ذلك جليا في تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين قيادات البلدين حيث زار الرئيس الأريتري اسياس أفورقي الخرطوم و عدد من مستشاريه و الوزراء و بالمقابل زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان و النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو و رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك كل على حدى اسمرا و أجروا مباحثات مع القيادة الإريترية.
من الواضح أن العلاقة بين السودان و إريتريا بعد الثورة السودانية إيجابية إلى حد كبير و تخاطب المصالح المشتركة لشعبي البلدين ، التداخل الاجتماعي و القبلي في الحدود بين السودان و إريتريا يمثل عامل وحدة و ترابط حقيقي للعلاقة التاريخية بين الشعبين حيث نجد حركة التجارة المنسابة في الحدود بشكل طبيعي و تشكل تمازج في نقاط التماس و تجدر الإشارة إلى أن الحدود الشرقية للسودان مع إريتريا تشهد استقرار بالتعاون الأمني و الاستخباري المستمر بين الجانبين مما يحد من الجرائم العابرة للحدود و الاتجار بالبشر حيث أن القرن الأفريقي منطقة مستهدفة من العصابات المنظمة و في نظري هذه الجرائم تمثل مهدد للسلام في منطقة القرن الأفريقي.
الحديث عن العلاقة بين السودان و إريتريا لا ينفصل عن جارتهم إثيوبيا حيث أن طبيعة العلاقة تتأثر في كل من الدول الثلاثة، بشكل محدد أزمة إقليم التقراي الإثيوبي و الحرب التي اندلعت اضحت عامل مؤثر لتهديد الاستقرار في الحدود السودانية الإريترية الإثيوبية و ان ما تخلفه الحرب الإثيوبية من لجوء لآلاف الفارين من ويلات الحرب للسودان و إريتريا يحدث خللا اجتماعيا و عنف قبلي بل قد تمتد لموجات تطهير عرقي تفرز حركات تمرد تزعزع الإستقرار في كل من السودان و إريتريا ، أسوأ ما يمكن أن يحدث في أزمة إقليم التقراي الإثيوبي هو تورط عناصر حدودية في هذه الحرب و بالتأكيد سيكون أكبر مهدد للاستقرار في حدود دولتي السودان و إريتريا ، الشئ الذي يطمئن إلى حد ما ، هو تواصل الزيارات التنويرية و الايضاحية المستمرة بين البلدين حول تطورات الحرب الدائرة في التقراي و التأكيد على عدم تدخل أي من السودان و إريتريا في هذه الأزمة الخطيرة، يمكننا أن نؤكد أن في المستقبل سنشهد مزيد من التطور في علاقة الخرطوم و اسمرا برغم الضغوط التي تمارس على البلدين من جهات خارجية.
optimum article