أكد رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك أن الزراعة تمثل حجر الأساس للانطلاق نحو التنمية المستدامة ، مشدداً على ضرورة قيام اقتصاد يرتكز على القطاعين الزراعي والصناعي، لاسيما وأن بلادنا قد أنعم الله عليها بموارد لا تحصى ولا تعد من المياه والأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والمعادن.
جاء ذلك لدى مخاطبته وتدشينه اليوم بقاعة الصداقة الحملة القومية لتأهيل وتطوير مشروع الجزيرة وذلك بحضور عدد من وزراء القطاع الاقتصادي، قيادات العمل السياسي والنقابي والقطاع الخاص والمجتمع المدني ،وأعضاء مجلس إدارة مشروع الجزيرة وقيادات وممثلي اتحاد المزارعين بمشروع الجزيرة، مضيفا “إن تدشين الحملة يأتي في وقت بدأنا نحصد فيه ثمار ثورة ديسمبر المجيدة من توافق على وقف الحرب والبدء في تطبيق اتفاقية سلام السودان، وانفتاح اقتصادي على العالم بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب فضلا عن القرارات الاقتصادية الخاصة بتحرير سعر الصرف من أجل معالجة التشوهات الهيكلية في الاقتصاد، و دعم الإنتاج والمنتجين بتشجيع الصادر ورفع كل القيود المكبلة للاقتصاد وغيرها.”
وأوضح د. حمدوك أن تدشين الحملة القومية لتأهيل وتطوير مشروع الجزيرة تمثل حدثاً تاريخياً هاماً على طريق الثورة المجيدة، وثمرة لتضحيات الشهداء والثوار والعمال والمزارعين والطلاب دون تقاعس أو استسلام للإحباط والقهر الذي مارسه النظام البائد.
وقال رئيس مجلس الوزراء أن مشروع الجزيرة الذي بدأ نشاطه في العام 1925م ظل العمود الفقري للقطاع الزراعي الذي يمثل بدوره ركيزة الاقتصاد السوداني من حيث إنتاج المحاصيل الزراعية ودعم الصادرات والميزان التجاري للبلاد بجانب توفير وظائف في الحقول والصناعة المرتبطة بالمشروع إبتداءاً بالمحالج وحتى صناعة الملبوسات والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.
وأكد د. حمدوك عظمة مشروع الجزيرة الذي يمتد لمساحة أكثر من 2 مليون فدان قابلة للزراعة ويضم حوالي 130 ألف مزارع ويستفيد منها أكثر من 3 مليون شخصاً من زراع وموظفين وعمال زراعيين ،مشيداً بصمود المزارعين وهمتهم التي تكللت في العام الماضي بملحمة إنتاج القمح.
واشار رئيس مجلس الوزراء إلى حجم الدمار والإھمال الممنهج الذي ألحقه النظام البائد بالمشروع ، مبيناً أن المشروع تعرض لأكبر ھجمة في تاريخ السودان اقعدت به عبر قانون 2005 المعيب، تمھیداً لبیعه في مزادات غیر علنیة للقضاء على المشروع الكبير ونھب ممتلكاته وبنیاته التحتیة من سكك حدیدیة ومحالج وغيرها ، منوهاً إلى ان النظام البائد قضي على حوالي 2000 كیلومتراً من السكة حدید التي كانت جسر التواصل داخل وخارج المشروع، وبلغت قیمة ما تم نھبه وبیعه من أصول أكثر من (225) ملیون دولار أمریكي ،مضيفاُ أن الدمار طال أیضا 315 منزلا وأكثر من 100 مكتب یتبع للمشروع، بجانب دمار المحالج وبنیة الري، والھندسة الزراعیة والبساتین، وبيع السكك الحدید والقاطرات خردة في الأسواق بعد حملة التخریب الشاملة التي شملت كل البلاد، وشمل التخریب الآلیات الھندسیة والبنى التحتیة وقنوات الري، والمحالج ،بجانب تھجیر المزارعین والاستیلاء على أرضھم .
كما أضاف د. حمدوك أن دمار المشروع والقطاع الزراعي والاقتصاد غیر النفطي كان نتیجة حتمیة للسیاسات الاقتصادیة الكلیة الخرقاء التي اتبعھا النظام البائد بعد استخراج البترول والتي تمثلت في الدعم غیر المبرر للاستھلاك والاستیراد والخدمات على حساب الإنتاج والتوظیف والتصدیر من خلال سیاسة سعر الصرف المتعدد والقیمة غیر الحقیقیة للعملة الوطنیة مقابل العملات الأجنبية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن بدایة الطریق في الإنطلاق نحو الأمام إلى أفاق المستقبل ھو ھذا الفزع الذي يستلھم تراثنا السوداني بصفة عامة والجزیرة لیست استثناء من ھذا التراث العظیم ، موضحاً أن هذا النفیر يأتي في وقت تستعد فیه إدارة مشروع الجزيرة والمزارعین وكل أبناء الجزیرة لملحمة حصاد القمح لحصاد أكثر من510 ألف فداناً من جملة 800 ألف فداناً مزروعة بالقمح في كل السودان، متوقعاً أن یغطي انتاج العام الجاري أكثر من 60% من احتیاجات الاستھلاك الداخلي.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء إنحياز الحكومة الانتقالية التام للمزارعين والمنتجين، وأضاف في هذا الجانب (قد ظللنا نتابع العمليات الزراعیة لحظةٍ بلحظة عبر اللجنة العلیا للموسم الزراعي، وتابعنا المشاكل التي یمر بھا المزارعون وعثرات شح الجازولین، والتقاوي والمبیدات، ووقفنا أكثر أمام مشكلة الري وانسداد القنوات والتي جاءت نتیجة لإھمال الزراعة من قبل النظام البائد، ولانعدام الرقابة القانونیة والمجتمعیة)، مؤكداً أن الحكومة عملت عبر البنك الزراعي لتوفیر التمویل ومدخلات الإنتاج، وشراء القمح مباشرةً من المزارعین عبر البنك الزراعي، مؤكداً أيضاً إلتزام الحكومة بتوفیر الأموال لشراء القمح مُباشرةً من المزارعين، والوقود، لتھیئة الظروف للإنتاج، ولمواصلة المزارعین لملحمتھم البطولیة التي لا تزال مستمرة، معلناً أن الحكومة ستقوم بإصدار قرار بالسعر التأشيري الجديد يوم غد كحد أقصى.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن عملية إعادة تأھیل وبناء مشروع الجزیرة سوف تتم في إطار رؤبة إستراتيجية لإحداث التنمية المستدامة في القطاع الزراعي والاقتصاد ككل استجابة لشعارات الثورة وبرنامجها، موضحاً أن مسؤولية تطوير مشروع الجزيرة لا تقع على عاتق مزارعي وأهل الجزيرة ، مبيناً أن هذا المشروع لديه القدرة والإمكانية على رفع كل السودان، كما كان يفعل من قبل.
وقال رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة الانتقالية تعمل على التأسيس للتحول الھیكلي للاقتصاد السوداني من خلال الربط العضوي بین الزراعة والصناعة التحویلیة وسلاسل القیم المضافة في إطار اقتصادي كلي یشجع على زیادة الإنتاجية ودعم المنافسة داخلیاً وخارجیاً، مضيفاً (لا نهضة لأي بلد بدون صناعة متطورة)، مشيراً إلى أن النموذج الاقتصادي الذي ورثناه من الاستعمار والمستمر حتى اليوم في تصدير المواد الخام والماشية يجب أن يتوقف.
واكد د. حمدوك أھمیة دعم مشروعات التحول الزراعي وتطویر المحاصیل والثروة الحیوانیة وسلاسل القیمة المضافة والخدمات الزراعیة الحدیثة وتطویر الصادرات البستانیة بجانب تطویر البنى التحتیة لدعم التسویق والتصدیر.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء ان تأھیل وتطویر مشروع الجزیرة سيمثل نموذجاً للنھضة الاقتصادیة والتحول الھیكلي الذي ننشده، وأضاف في هذا الجانب (إن لم نستطع أن نعمل على إصلاح وتطوير مشروع الجزيرة سيظل أي كلام عن إصلاح بقية الاقتصاد بلا معنى).
ودعا رئيس مجلس الوزراء بإسم حكومة الثورة جميع العاملين في القطاع الخاص والمزارعین والموظفین والعمال وكافة فئات الشعب السوداني في الداخل والخارج بتشمير السواعد، والاستجابة لنداء تأهيل وتطوير مشروع الجزيرة، كما وجه د. حمدوك باستقطاب استثمارات نوعیة من القطاع الخاص المحلى والأجنبي للمساھمة في إعادة تأھیل البنى التحتیة للمشروع وتطویره، ووضع مشروع الجزیرة كأحد أھم أولويات الحكومة الانتقالية في إعادة البناء والتعمير، وأضاف” حتماً سیعود مشروع الجزیرة أقوى مما كان بعون ﷲ وتضافر الجھود.”