بالرغم من ان الحال المعيشة الماثل يوضح ضعف تحقيق اهداف ميزانية عام 2020 ولا يحتاج لمثل هذا المقال ، الا ان تدعيم هذه القناعة بالارقام سيكون حجة قوية تبين خطل وعجز المجموعات المتحكمة فى شأن القرار الاقتصادى.
هكذا انطوت صفحات العام وانتهت ميزانية 2020 وقد صدقت توقعاتنا – وتوقعات كل الاقتصاديين – من ان هذه الموازنة ستكون كارثة على الاقتصاد السودانى ، لانها قامت على فروض هشة وغير واقعية ، فقد اعتمدت على 54% من ابراداتها على الخارج ، من غير ترتيب يضمن الحصول على هذه الاعتمادات ، وتبنت والمالية وزارة سياسات خلال العام لم تكن جزء من اولويات ذات الميزانية ، وعلى راس ذلك زيادة المرتبات فوق الايرادات المتوقعة ،
وتخبطت فى ادارة سياسات الانتاج فلم يكن الإنتاج هما للجهات المختصة ، فلم توفر المدخلات ولم تؤهل بنى الرى ، لا للاستهلاك المحلى ولا للصادر ، فتراجع إنتاج معظم القطاعات وتدهور وضع كل السلع ، وهكذا كان الحال فى سعر الصرف الذى خرج عن السيطرة ولم تكن هناك سياسة مستقرة بشأنه ، ولهذا لم نستغرب ان تصل البلاد الى هذه المآلات .
فحقق معدل نمو الناتج المحلى فى عام 2020 معدلا نمو سالبا (4.8%) وختم العام بمعدل تضخم بلغ 269% فى ديسمبر 2020 وفى المتوسط 148% ، وتصدر السودان – بهذه النسبة – قائمة الدول الاعلى تضخما ، ويرجع ذلك لعجز الحكومة عن تمويل انفاقها العام ، خاصة على الاجور بالاستدانة التى بلغت 200مليار جنيه وهى تعادل 41% من جملة الانفاق التى بلغت 447 مليار فى 2020، وهذا يوضح حجم العجز الحقيقى للميزانية ، وبلغت نسبة تحصيل الايرادات المقدرة 46% وهو تراجع لم يحدث حتى فى عهد حكومات الاحزاب قبل الثمانينات ،
هذا وقد ارجعت المالية ذلك الى ضعف دعم المجتمع الدولى حيث تم تحصيل 16 مليار من 155 مليار مقدرة من المجتمع الدولى ، علما بان الحكومة هللت بنجاح المؤتمرات التى انعقدت والالتزامات التى اعلنت ، وتمخض الجبل فولد فارا ، وقد تمت الاشارة من كافة الخبراء ان التعويل على الدعم الخارجى لن يتحقق ، وبالفعل صدقت تنبؤاتنا بذلك ، فيعادل عجز التحصيل ذات النسبة التى اعتمدت فى موازنة 2020 وهى 54% من الايرادات ، ويرجع ذلك الى عدم سماع الحكومة لهذه التحذيرات ، ومن المعلوم ان أى مبالغ منتظرة من الخارج لا تدرج فى الموازنات الا اذا استوفت شروطا معروفة لأصغر موظفى المالية ، وبعد فشل هذه التوقعات وهذا لن المجتمع الدولى لهم ، لم تجد الوزارة ملاذا غير التمويل بالعجز ، الذى بلغ معدلا لم يحدث فى تاريخ موازنات السودان .
ولهذا انعكس هذا الأمر على كل مؤشرات وأهداف الميزانية الكلية ، فلم تتمكن الحكومة فى زيادة الانفاق المقررة الى 30% من الناتج المحلى وحققت 12% فقط حسب تقرير الموازنة ، وهذا يعنى ان الحكومة لم تحقق سوى 40% من الهدف المقرر ، وهى ايضا نسبة ضعف غير مسبوقة فى تاريخ المالية العامة فى السودان ، وبلغ اجمالى الانفاق 447مليار جنيه ، بلغ الصرف الجارى منه 98.8% والصرف التنموى 1.2% ، وهكذا تبخر حلم (حنبنيهو البنحلم بيهو)
ومن التبريرات التى ذكرت فى التوسع فى تمويل بهذا العجز المبالغ فيه ، الصرف على جائحة كرونا ، وبمراجعة تقرير الاداء المالى تبين ان ما خصص لمقابلة الجائحة ، هو (14) مليار جنبه ، ولم تتجاوز نسبته 3% من جملة الانفاق الحكومى ، وكذا الحال فى الصرف على طوارئ الخريف (0.09%) من جملة الانفاق العام كذلك ، وقد اشرت لهذين البندين لان تقرير المالية عزى سبب العجز الى ذلك .
وتقرير الوزارة عن الاداء المالى فى عام 2020 يبين فشل سياسات الاصلاح التى تبنتها وزارة المالية للعام 2020 ، حيث لم يتحقق تخفيض التمويل بالعجز ووصلت النسبة (4.9%) من الناتج المحلى الاجمالى، وانخفاض النسبة المستهدفة فى الإيرادات الحكومية عن النسبة المستهدفة (27%) وبلغت (7%) من الناتج المحلى الاجمالى ،
كما تبخر هدف تحقيق الانفتاح الخارجى وتوسيع التعاون مع المؤسسات المالية ، حيث لم تتجاوز نسبة التحصيل (9%) من المستهدف من الاعتمادات المتوقعة من الأصدقاء ، اما استقرار سعر الصرف فلم يتحقق فيه شيئ ، بل وصل مرحلة الانفلات، وتراجعت قيمة الجنيه السودانى فرجعت الدخول الحقيقية وضرب الفقر كل الفئات ، واكتملت الحلقات بارتفاع نسبة التضخم إلى معدلات عالية ، وضعت السودان ضمن مجموعة الدول الاعلى تضخما .
هذا هو الواقع والنتائج المالية والاقتصادية التى ستنطلق منها موازنة 2021 ، وهو وضع يضعف قدرة الماليين على تجاوز آثاره ، ولهذا سنفرد مقالا منفصلا لذلك ، ونسال الله ان يحفظ البلاد والعباد .
كتبه ابو ابراهيم فى 21 يناير 2021م







