« الجريدة » هذا الصباح … تتحول المواجهة الآن بصورة علنية بين (الرباعية) التي ترى بأن عودة النظام البائد للحركة الإسلامية (خط أحمر) كما يقول المبعوث الأمريكي، وبين كيزان السودان القابضين على عنق الكاهن
![]()
لم يجف الحبر الذي كتبنا فيه بالأمس بأن البرهان رجل كذوب لا عهد له، وأنه يتحدث اليوم بحديث ويقول عكسه تماماً غداً، لم يجف مداد ذلك الحبر حتى خرج على العالم بعد تغريدته التي رحب فيها بحديث الرئيس الأمريكي ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو يجدد حديث (البل بس) وهو يخاطب أمس مواطني القطينة بالنيل الأبيض وقد أخذته العزة بالإثم وسط هتاف الهتيفة مدفوعي الثمن، ويعلن بأن لا نهاية لهذه الحرب إلا بالقضاء تماماً على آخر جندي بالدعم السريع، رغم أنه يعلم والكل يعلم استحالة ذلك، فلو أنه تمكن من إعادة مدن دارفور ونظَّف مدن كردفان، كلها ستظل (جيوب) الدعم السريع تقاتل إلى يوم (القيامة)، وفي نهاية المطاف سيتم الجلوس إليهم لتوقيع اتفاقية (استسلام) كما تم مع مليشيات مناوي وجبريل وغيرهم في جوبا.
وحتى رفقاء قائد الانقلاب ومبررو أفعاله من الخبراء الاستراتيجيين والإعلاميين الذين يدركون سلفاً بأنه يبيت على أمر ويصحو على نقيضه، أصابهم الذهول والخجل هذه المرة، فأخذوا يبررون بأن حديثه هذا لمجموعة (محدودة) وليس لكل العالم، وكأنما الرجل القائد العام لجيش (الواق واق) وليس هو الوصي المفترض على الشعب السوداني كما يردد بصورة متكررة، أو كأنما العالم يجب أن يستمع إلى (هَتْرَفاته) فيأخذ منها ما يريد ويترك ما لا يريد، وألا يؤاخذه على اعتبار أن (السكران في ذمة الواعي)، وأن ما كتبه من ترحيب مساء أمس بمبادرة الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي جاء بعد (كاسات) تلك الليلة، وأن كلام الليل مدهون بالزبدة…
لا يوجد في كل العالم قرار مصيري لشعب كامل من رجل يعتبر نفسه القائد والرئيس والكاهن يحتمل الوجهين، ولكننا نعلم بأن القائد الانقلابي شخص لا يمتلك قراره، وليس لديه الكلمة الفصل فيما يجب أن يكون، فقد كان عليه أولاً أن يجلس إلى كيزانه وبلابسته ومليشياته الإسلامية والقابضون على عنقه من مليشيات الغرب وأرزقيته الذين يتكسبون من هذه الحرب، وأن يعود إلى سيده السيسي وكل من يخاف غضبهم قبل أن يغرد على صفحته في منصة تويتر بكلمات الترحيب تلك التي زرعت الأمل والفرح في كل بيت سوداني باقتراب نهاية الحرب، وأخذها كل العالم كحقيقة مُسلَّمة من رجل صادق شجاع يملك قراره وكلمته.. باستثنائي (أنا) الذي قلتها لمعرفتي العميقة بتاريخه وتلونه بأنه رجل كاذب وبلا كلمة أو عهود، ولن يفي بوعوده إلا إذا ما اتبع ذلك (بيان بالعمل وقد فعل).
وحتى لا يعتقد سيادته أن الحديث الذي يعتقد بأنه قد (همس) به في أذن مواطني القطينة مجرد (هَوْشَة) إرضاء للبعض ولا تأثير له على ما يجري من حوارات حول الهدنة والاتفاقات المرتقبة، وهو يدور في دائرة من حوله بالداخل، فإن الأمر بكل تأكيد يَخصِم كثيراً من مصداقيته والثقة في أنه يمسك فعلاً بكافة خيوط الداخل، ويجعل المجتمع الدولي يفكر في بدائل له ليتحاور معها، وهو ما يحاول الكيزان دفعه له لإثبات أن الرجل مجرد (طرطور)، وأن الكلمة النهائية ليست بيده، وأن الحوار يجب أن يكون معنا نحن، ويمكننا (إبلاعه) كل ما يقوله وقت ما نريد… وأنه كاهن على الشعب المسكين وليس علينا نحن.. لتتحول المواجهة الآن بصورة علنية بين (الرباعية) التي ترى بأن عودة النظام البائد للحركة الإسلامية (خط أحمر) كما يقول المبعوث الأمريكي، وبين كيزان السودان القابضين على عنق الكاهن.
وستظل ثورتنا مستمرة حتى تحقيق أهدافها في سودان جديد.. وراية المحاسبة والقصاص ستظل مرفوعة حتى يأتي يومها.. والرحمة والخلود أبداً لشهدائنا..
الجريدة
✦ وَغَمْضُ العَيْنِ عن شَرٍّ ضَلالٌ وغَضُّ الطَّرْفِ عن جَوْرٍ غَبَاءُ ✦
“نحنا أهل الفرحه جينا لا المدامع وقفتنا ولا الحكايات الحزينة” — القدّال





