الفولة : 25/9/2025 _ في خطاب تاريخي وصف بـ”إعلان الميلاد”، أعلن د. الهادي إدريس، عضو المجلس الرئاسي وحاكم إقليم دارفور، صفحة جديدة لا للإقليم فحسب ، بل السودان بأكمله ، قائلاً: ” دارفور من اليوم وصاعداً ليست هامشاً ولا ساحة حروب ، بل نموذج للوحدة والتعايش وبناء السودان الجديد “. كـ” فاصلة حقيقة بين ماضٍ مظلم وقائم علي التمييز والاقصاء والحروب ، وبين مستقبل مشرق توضع فيه أسس الحرية والعدالة الاجتماعية والسلام. ووصف الخطاب الحكومة بأنها ثمرة نضال طويل ومشترك.
جاء الخطاب الذي القي مؤخراً ، ليضع حجر الأساس لرؤية سياسية مغايرة ، تنتقل بالبلاد من منطق السلطة المركزية والقمع الي منطق الدولة الخادمة لمواطنها ، التي تجعل الإنسان غايتها الاولي والأسمي. وهو ما عبر عنه الدكتور الهادي إدريس بقوة ووضوح” السلام الذي ننشده ليس شعاراً ، بل مشروع حياة يعيد النازحين الي ديارهم ، ويوقف نزيف الدم ، ويبني مجتمعاً متماسكاً”.
حدد الخطاب أن حكومة إقليم دارفور سوف تبدأ بتكوين قوات أمنية خاصة ومؤسسات عدلية فعالة لحماية المدنيين ، ومواجهة المختطفين ، وفرض سيادة القانون ، وإنهاء الفوضي. كما اعلن ان المرحلة المقبلة تتطلب إعادة الإعمار وستركز علي”بناء الانسان” عبر إعادة المدارس والمستشفيات وتهيئة البني التحتية ، مع التركيز علي دعم القطاعين الرعوي والزراعي.
دارفور وحدة الشعب والأرض
رفض الدكتور الهادي إدريس أستدارج المزارعين والرعاة لحروب عبثية، مؤكداً ان التفاوض بين ابناء دارفور ممكن وأسهل من حمل السلاح لصالح النخب العسكرية والإسلاميين. من خلال وثيقتا نيروبي كقعد اجتماعي جديد لسودان جديد يفصل بين الدين والدولة ويؤسس لجيش مهني موحد وحل الحركة الاسلامية وحزب المؤتمر الوطني وملشياتهم
القطيعة مع “السودان القديم”
في إطار تصديره لمرحلة ما بعد التهميش والحروب ، رسم معالم قطيعة واضحة مع نموذج الحكم البائد، مصرحاً ” لن نقبل بعد اليوم بسلطة العسكر والإسلاميين ، فدارفور لن تكون رهينة السودان القديم “. كما إعلن رفضاً قاطعاً لاستمرار هيمنة المركز، مؤكداً أن” لن تحكم دارفور من الخرطوم او بورتسودان بعد اليوم”، في تأكيد علي ضرورة نموذج حكم لا مركزي عادل يضمن حقوق الإقاليم.
الشفافية والعدالة الاجتماعية : اساس العقد الجديد
لتعزيز هذه السيادة ، طرح الخطاب رؤية اقتصادية تقوم علي الشفافية والعدالة الاجتماعية في إدارة موارد الإقليم، من خلال” صندوق سيادي شفاف يضمن حق الجميع في التنمية “، مما يعيد للمواطن ثروته ويصادرها من أيدي النخب التقليدية التي استأثرت بها لعقود.
كما أسس الخطاب لفلسفة الدولة الجديدة علي ثلاثية” العدالة والحرية والمساواة “، معتبراً إياها الأسس التي سيقوم عليها السودان الجديد. ووصف تشكيل حكومة دارفور بأنه” ليس حدثاً ادارياً فحسب ، بل إعلان ميلاد عهد جديد يقوم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية “.
وحدة المصير وجيش وطني لحماية الإنسان
في رسالة واضحة لتجاوز الخطاب الأثني الذي غذي الصراع أعلن الخطاب ان” دارفور ليست افريقية ولا عربية… بل شعب واحد ومصير واحد “، داعياً الي ان تكون” الوحدة والتسامح والتكاتف هو الطريق لإلزام التنازلات القبلية المفتعلة”.
ولضمان حماية هذا العقد الجديد ، تمت الدعوة الي إعادة هيكلة مؤسسة الجيش لتصبح ” جيشاً وطنياً يحمي الأرض والإنسان لا يقمع الشعوب”، وهو تحول جوهري في دور المؤسسة العسكرية من أداة قمع الي حامٍ للسيادة والشعب.
دارفور مفتاح الاستقرار
خطاب الدكتور الهادي إدريس في مجمله ، لا يتحدث فقط عن دارفور ، بل يقدم رؤية لكامل السودان. فهو يضع “سلام دارفور كمفتاح لاستقرار السودان والمنطقة”، مؤكداً أن الخروج من النفق المأساة في الإقليم هو الشرط الأساسيّ لأي استقرار حقيقي للبلاد.
هكذا تعلن دارفور” من رحم المأساة ، ولادة حكومة عمل وبناء ، لا شعارات ولا وعود جوفاء” ، حاملة معها أملاً في تصبح الدولة بمفهومها الحديق “ملاذاً آمناً لمواطنيها” ، تكرمهم وتحميهم، وتوفر لهم الأمن كأولوية قصوي لها ، بعد أن كانت لسنوات طويلة مصدر تهديد لهم.





