بقلم:فاطمة لقاوة
في قلب كردفان، لا تُزهق الأرواح اليوم على يد غريب، بل بأيدي أبناء المنطقة أنفسهم،أبناء دار المسيرية، الذين نشأوا على قيم المروءة والنخوة، صاروا اليوم أدوات قتل في يد جنرال فارٍّ إلى بورتسودان، يُصدر أوامره من خلف البحار، بينما تنفّذها أيادٍ عرفت طفولتها في ربوع كردفان وبوادي لقاوة وبابنوسة
والمجلد.
حين يقود أبناء القبيلة المعارك ضد أهاليهم، ويسيل الدم في الأسواق والشوارع، فلا يمكن تبرير ذلك بـ”الطاعة للأوامر” أو “الواجب العسكري”.
نحن أمام خيانة مزدوجة: خيانة للتراب، وخيانة للدم.
في مشهد موجع تتكرر أمامنا مقارنة تفرض نفسها: حسن درمود وحسين جودات. كلاهما من لقاوة، ومن أسر ذات إرث اجتماعي معروف،لكن اختياراتهما تكشف شيء أخر لم يكن في حسبان كل من يعرفهم عن قُرب.
جودات خان الشعب السوداني يوم فضّ اعتصام القيادة، وساهم في قتل شباب السودان العزّل، ثم ظهر في نيالا، يقود الرصاص ضد المدنيين، قبل أن يفرّ منها ذليلاً. اليوم، تلطخت يداه بدماء أهله “الدريهمات” في الرهد، وهو يقود ما يُسمى بـ”الصياد”، يخوض حربًا ضد أهله في كردفان حيث قتلت قواته نساء الحوازمه وأطفالهم وشيوخهم، لا لشيء سوى خدمة مشروع البرهان الغارق.
ودرمود، تكرّر المشهد معه في بابنوسة،حين وضع يده في يد البرهان، وها هو اليوم يتسبب في نزيف المدينة، وتهجير نسائها، وترويع أهلها، دون أي مبرر سوى إرضاء قائد لا يراه سوى رقمًا في معركة خاسرة.
لماذا يا تُرى يختار أبناء لقاوة أن يكونوا أدوات في مشروع متهالك؟ لماذا يصمت درمود على دماء أبناء عمومته؟ لماذا لا يختار الخروج الآمن والمشرف؟ أن يعود إلى لقاوة، عزيزاً، قبل أن يُسجل في صفحات العار، كما سُجل غيره ممن سبقوه.
إن اللحظة حرجة، والتاريخ لا ينتظر.
إما أن يسجّل حسن درمود اسمه في خانة الشرف، ويعلن انسحابه من هذه الحرب العبثية، أو أن يظل متمسكًا بخيار الدم، ويُكتب اسمه بلا مجد، ولا وداع.
كردفان تنزف،والسكين هذه المرة في يد أبنائها،فهل ستأتيهم صحوة ضمير قبل فوات الآوان؟
ولنا عودة بإذن الله
الثلاثاء،١٠يونيو/٢٠٢٥م