دون أدنى شك هناك ميزة إستراتيجية تتمتع بها مدينة النهود التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي لولاية غرب كردفان ، وهي تربط مدن كردفان ودارفور بالعاصمة الخرطوم عبر طريق الصادرات ، وأيضاً أنها ضمت مؤسسات غرب كردفان بعد تحرير عاصمتها الفولة وخضوعها لسيطرة قوات الدعم السريع بالكامل ، كما أنها تعتبر شريان حياة لإنقاذ وإمداد قوات الجيش في بابنوسة .
تعتبر مدينة النهود الحاضنة الأساسية لكوادر الحركة الإسلامية في كردفان كما أنها اول مدينة تشهد إفتتاح معسكرات المستنفرين والمقاومة الشعبية ومتبقي المليشيات التي تقاتل بجانب جيش الإخوان ، لذلك كانت بها رئاسة قوات الإحتياط هذا الإسم الذي أطلقه البرهان على قوات الدفاع الشعبي بعد تغيير نظام البشير وهي تحتوي على كتائب وأمراء الدفاع الشعبي الذين لم يتأثروا إطلاقاً بالتغيير الشكلي الذي حدث عقب ثورة ديسمبر المجيدة ، لذلك تم تكليف القيادي الإخواني حمد الصافي بعسكرة مجتمع كردفان وخاصة مجتمع دار حمر فالحركة الإسلامية تضع خطتها البديلة بعد هزيمتها عسكرياً هو تجييش المجتمع على أساس قبلي وإثني وبالفعل تم ضخ كميات كبيرة من المال والمركبات والسلاح لمدينة النهود لتكون نافذة إمداد ونقطة إنطلاق لجميع المناورات العسكرية وبؤرة لإشعال الحرب الأهلية ، كما بحكم موقعها كانت هي نقطة إعتقال وتعذيب لجميع أبناء دارفور العابرين بها خاصة أبناء المكونات العربية كما شهدت أحداث تصفيات وقتل خارج نطاق القانون على أساس إثني وجغرافي ، كانت تضم عناصر الإرهاب والاستخبارات الذين درجوا على تفتيت وتفكيك مجتمعات دارفور وكردفان عبر وحدة إدارة أمن القبائل في جهاز المخابرات والإستخبارات لإجهاض وحدة مجتمعات مناطق غرب السودان وخلق نزاع ما بين أهلنا دار حمر وأهلنا في قبيلة المسيرية كان هذا واجب أجهزة الأمن الذين يتغذون عن طريق حبل سري مركز النخبة الذي يصدر الصراع ويحيك المؤامرات ضد المجتمعات فيما بينها .
مدينة النهود تعتبر نفاج ونافذة إقتصادية كبرى لتمويل معسكر الحرب لأنها تحوي تجارة الثروة الحيوانية وأكبر أسواق الصمغ العربي الذي يتم تصديره إلى جمهورية مصر العربية من أجل الحصول على معدات عسكرية وإيواء قيادات تنظيم الإخوان مقابل تدفق المنتجات الزراعية والحيوانية ، كما أنها تضم معظم او كل تجار الحرب والازمات في كردفان ودارفور بإعتبارها المدينة الوحيدة التي لم تتأثر بالحرب فكانت نقطة تستغل لتجفيف البضائع الواردة إلى كردفان ودارفور وأيضاً تعتبر نقطة مركزية لتجميع العملات المحلية او النقد المتداول و تحويله إلى منطقة الدبة لصنع أزمة او كارثة لإنعدام الكاش في دارفور وكردفان مع خلق ندرة في السلع حتى تكون مناطق سيطرة الدعم السريع طاردة وغير قابلة للحياة .
مدينة النهود لها ميزة عسكرية كبرى فهي مفتاح كلمة السر لفك حصار تحرير الفاشر لذلك خضوعها لسيطرة قوات الدعم السريع يعتبر تخطيط إستراتيجي متقدم يحسب لقيادة الدعم السريع كما أن العملية العسكرية الخاطفة والمباغتة تعتبر ضربة إستباقية تلقتها الحركة الإسلامية وضربة قاضية لقيادة قوات المشتركة والتي تخضعها قيادة الجيش بفك حصار الفاشر عن طريق متحرك الصياد وهاهي الخطوات تباعدت ما بين فك حصار الفاشر او إستعادة النهود ام تأمين وتحصين الأبيض وهذا ما يجعل الفرصة أكبر أمام قوات الدعم السريع لتحرير الفاشر مع تضييق الخناق على الأبيض لتجنيب النهود خطر المباغتة او الإستعادة ، كما أن خروج النهود من مناطق سيطرة الجيش يجعل بابنوسة في مهب الريح شاء الجيش ام ابى فبابنوسة باتت محاصرة تنعدم لها فرص الإغاثة والإنقاذ ، كما أن الأبيض قاب قوسين او أدنى أن تكون ضمن مناطق سيطرة قوات الدعم السريع هذا المشهد العملياتي المتسارع والخاطف يخبرنا عن مدى قدرات الدعم السريع على المناورة ونقل المعارك حيث تريد في أقل مدة زمنية ممكنة كما اخبرتنا معنى إعادة التموضع المقصود عند إنسحابها من الخرطوم .
نظارة دار حمر تقع في مدينة النهود ولها تأثير إجتماعي كبير ضارب في القِدم ولها تناقضات إجتماعية وإدارية عميقة في غرب كردفان تضع قيادة الدعم السريع أمام إمتحان كبير وقنبلة موقوتة تحتاج إلى حراك واسع وشامل لإحتواء جراحات الأمس واليوم وتجاوز التحديات المتزايدة والتي سيعمل إعلام الحركة الإسلامية على توسيعها وإعادة فتحها خاصة أن دار حمر سيكونون أمام واقع جديد يتطلب منهم التعامل مع تشكيلات إدارية وعسكرية جديدة في ولاية غرب كردفان بها مجموعة معضلات خلفتها الحركة الإسلامية وتركة مُثقلة بالتقاطعات ، هذا الواقع المأزوم أحياناً والمحموم على الدوام يتطلب قيادة نوعية وإستراتيجية في الجانب المدني والعسكري للدعم السريع ولابد من رفد النهود بكادر مدني متفهم التقاطعات والتحديات وقادر على تجاوز المتاريس الموضوعة ، مدينة النهود ستكون القشة التي قصمت ظهر البعير إذا لم تجد الإهتمام الكافي وأن تحالف تأسيس يحتاج أيضاً إلى إتصالات كثيفة وتواصل مستمر حتى يستطيع ضم القيادة الأهلية والإدارية والسياسية والشبابية لمدينة النهود والتي بإحتوائها يكون الدعم السريع تجاوز اهم وأصعب العقبات في كردفان فالإنقطاعة النفسية والسياسية في غرب كردفان أشبه بالإنقطاعة في غرب دارفور فهي مناطق تحتوي على كيانات إجتماعية كبيرة ومؤثرة تستثمرها قيادة الحركة الإسلامية في صنع الإنتهاكات وتسويقها للمجتمع الدولي لتحاصر الدعم السريع فالدرس معقد والمرحلة حساسة والموقف عظيم .
بقلم :-محمود مجدي موسى الجدي
التاريخ :-السبت الموافق 2025/5/3م