بقلم عبدالقادر فضل الله اللغيبش
في مشهد بائس لا يخلو من الجهل والعنصرية، خرج علينا المدعو العميد طارق كجاب، أحد ضباط ما تسمى بـالقوات المسلحة السودانية، ليدعو قبائل حمر للدفاع عن مدينة النهود، وكأن النهود إرث قبلي، لا تسكنها إلا مجموعة واحدة من السودانيين! هذا الطرح المريض ليس غريبا على من تربوا في حضن مؤسسة تقوم على التمييز والإقصاء، وتغذي الفتن لتبقى على رقاب الناس بالقوة والسلاح.
إن ما تفوه به هذا الضابط ليس زلة لسان، بل هو انعكاس مباشر لطبيعة هذه المؤسسة التي لطالما كانت أداة بيد النخب المركزية لتمزيق السودان والتحكم فيه.
مؤسسة ولدت من رحم المستعمر الإنجليزي، وأسست على أنقاض الخيانة والولاء للغزاة، فكان نصيب الخونة أن دخلوا الكلية الحربية، بينما حرم منها الوطنيون الأحرار وأبناء الهامش والمناطق المهمشة.
واليوم، بعدما حررت قوات الدعم السريع مدينة النهود، يطل هذا المأفون على الناس ليطلب من مكونات بعينها أن تحمل السلاح! ألم يكن حريا به أن يوجه نداؤه إلى جيشه الذي يدعي الانتماء إليه؟ أم أن ما يسمى بالجيش لم يعد سوى قشرة جوفاء، ميليشيا نخبوية فقدت أدنى مقومات الانضباط والشرعية الوطنية؟
الحقيقة المؤلمة التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها هي: هذا الجيش ليس جيش الوطن، هذا الجيش لا يمثل شعب السودان، هذا الجيش اختطف منذ تأسيسه، وتحول إلى حصن تحرسه نخب ظالمة، تحتكر الرتب، وتحتقر الشعب، وتستغل أبناء الهامش كوقود لحروبها القذرة، ثم تقذف بهم في الصفوف الأولى وتموت هي في المكاتب الوثيرة.
إننا نعلنها اليوم بلا مواربة: ما يسمى بالقوات المسلحة، لم تكن يوما جيشا قوميا. هي ميليشيا نخبوية استعمارية الجذور، عنصرية الفكر، فاسدة السلوك، لا إصلاح لها، ولا أمل فيها، إلا بالإجتثاث الكامل والتفكيك الشامل.
لذلك علي قوات الدعم السريع السودانية ان تواصل المعركة حتى آخر ضابط في هذه المؤسسة الزائفة، وبعدها نبني على أنقاضها جيشا وطنيا حقيقيا، جيشا لكل السودان، يحمي المواطن لا يقهره، ويذود عن الأرض لا يزايد عليها.