فاطمة لقاوة.
في صباحٍ كئيبٍ من أيام أبريل/٢٠٢٥م، استفاقت قرية علوبة الواقعة في ولاية جنوب كردفان، لا على تغريد الطيور أو ضحكات الصِغار، بل على أصوات الرصاص والصِراخ والموت المتربص خلف كل جدار .
لم تكن مجزرة علوبة مجرد حدث عابر في دفتر الحرب السودانية الطويل، بل كانت صفعة في وجه الإنسانية، وجرحًا غائرًا في قلب هذا الوطن المنكوب..
نساء وأطفال وشيوخ، أرواح بريئة لا ذنب لها، سُفكت دماؤهم في صمتٍ موجع، البيوت المحروقة، والوجوه المتفحمة، والقلوب التي فارقتها الحياة دون وداع،كلها شواهد على جريمة لا تمحوها الأيام، ولا تغفرها السماء.
من المسؤول؟ سؤال يتردد في أفواه الأحياء الذين تاهوا وسط الرماد. أهو الجيش الذي يدّعي حماية البلاد؟ أم تلك الجماعات المسلحة،ودواعشها التي لم تُبقِ للوطن اسمًا ولا خريطة؟ أم أن الجميع شركاء في ذبح الحقيقة، و
وأد الطفولة، و خيانة تراب هذا البلد الذي كان يومًا غنيًا بالحب لا بالدماء؟.
علوبة لم تكن معسكرًا،و لم تكن ساحة معركة، بل كانت موطنًا لأناسٍ حلموا فقط بالأمان،لكنها تحوّلت إلى مسرحٍ لجريمة كاملة،من مصاصي دماء مُتعطشين،و تُرك فيها الجاني حُرًا، وتُرك الضحايا تحت التراب دون حتى نعوش.
ليست هذه المجزرة الأولى، ولن تكون الأخيرة إن بقي العالم صامتًا، وإن بقيت الضمائر العربية والدولية متواطئة، مكتفية بإصدار بيانات “القلق العميق”،فكم من “قلق” قُتل في السودان؟ وكم من “إدانة” كُفّنَت مع جثث الأبرياء؟
علوبة اليوم تناديكم،و تنادينا جميعًا،فإما أن نقف مع صوت الحق، مع صوت الحياة، أو نغرق في بحر الصمت والخذلان حتى لا يبقى في هذا البلد من يكتب ولا من يقرأ.
ولنا عودة بإذن الله
الجمعة،١٨أبريل/٢٠٢٥م