على أثر دخول قوات الفلول والجيش المختطف من المؤتمر الوطني القصر الرئاسي بعد عامين كاملين، لعل الذين خبروا وعرفوا الحروب وضروبها وتطوراتها يدركون الهبوط والنزول، فالحرب سجال بين جميع الأطراف منذ أن اندلعت في توريت عام ١٩٥٥. حرب ١٥ أبريل قد وضعت نهاية حاسمة لدولة ٥٦، وإن عهدًا جديدًا قد بدأ بالفعل. كل من يتصور خلاف ذلك عليه أن يراجع تاريخ الحروب في السودان في العصر الحديث.
يظل النصر والسؤدد لرايات التغيير الحقيقي نحو بناء دولة مواطنة متساوية لكل السودانيين دون أدنى تمييز، وإعادة تأسيس جيش جديد يكون ملكًا لكل الشعب السوداني. يظل النصر للشعب السوداني الصابر الذي ضحى بكل ما يملك من أجل حريته وكرامته ونظام ديمقراطي حقيقي. تحالف السودان التأسيسي ماضٍ بقوة، والكل موقن بالفلاح والنجاح في تشكيل حكومة السلام وفرض السلام بإرادة الشعب الغالبة.
إن مسيرة البناء والتغيير الحقيقي ثمنها الصبر والمواصلة في الدرب بذات العزيمة والقوة دون أدنى انكسار أو التفات إلى الوراء. إن بشائر النصر الحاسمة كلها بائنة وظاهرة، وقد أزفت ساعة انتشال السودان من وهدته والظلم المتطاول الذي طال البلاد طولًا وعرضًا، والأمور ماضية إلى نهايتها، ولكن الذين فقدوا البصر والبصيرة لا عزاء لهم، وهم آخر من يدركون.