إبراهيم مطر
الناظر لحرص الجيش السوداني، ومن خلفه حلفاؤه من قتلة “الحركة الإسلامية” على دخول “القصر الجمهوري”، بتكريس كل ما يمتلكون من عتاد حربي وجنود وطيران محلي وأجنبي وطائرات مسيرة لمعركة الخرطوم، مع تحمل خسارة بشرية هائلة في الجنود والحلفاء – بلغت في هجوم واحد التسعة وثمانين قتيلاً بخلاف الجرحى بحسب ما اوردت قوات الدعم السريع وأكده الجيش نفسه حين نعى ثلاثة من إخوان التلفزيون هلكوا خلال الهجوم – يستغرب لإهمال الجيش التام للمعارك في كردفان ودارفور والجزيرة والنيل الأزرق، ويتعجب لصمت الجيش وغرف الحركة الإسلامية الإعلامية التام عن استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة بحجم “المالحة” – على أهميتها الاستراتيجية – بالأمس القريب.
إذ لا تكاد تجد ذكراً لاستيلاء الدعم السريع على المالحة في إعلام “الجيش – الإخوان” سوى في عناوين “خجولة”، تقول بأن “الدعم السريع” قد انتصر على “القوات المشتركة” في معارك المالحة، دون ذكر للجيش من قريب أو بعيد، وهو – أي الجيش – “سيد الجلد والراس” في حرب أبريل، كما يحاول إخوان الشياطين أن يوهموا الناس، في سعيهم الحثيث للاختباء تحت “راكوبة الخريف” هذه، والتي لا تقي هجير شمس ولا قر شتاء، المسماة بالجيش السوداني.
لكن دهشتك ستتبدد لا محالة عزيزي قارئ هذه السطور، إن علمت أن دخول الجيش للقصر الجمهوري بهذه الاطريقة، وبهذه الخسائر المادية الباهظة والكلفة البشرية الهائلة، لا يعني سوى هزيمة مخطط الإخوان “الطالباني”، والذي أقره اجتماع للمؤتمر الوطني المحلول انعقد في تركيا، أواخر رمضان من العام الماضي، عقب إفطار جماعي نظمه الحزب المحلول لعضويته. وتسربت وقائع ذلك الاجتماع وانتشرت في وسائط التواصل حينها، كونها سبقت تحركات “المنامة” للحل السلمي التفاوضي، والتي كادت أن تؤتي أكلها، لولا أن أفسدها الإخوان في اللحظة الأخيرة.
وحضر ذلك الاجتماع 50 شخصاً من عضوية المحلول، بما فيهم المشاركين عبر الزوم من بورتسودان والقاهرة. غاب عن الاجتماع أي ممثل للجيش أو ممن هم في الخدمة وحضره ضباط معاشيون.
وخلص الاجتماع إلى ضرورة إفشال اجتماع المنامة – وكان من المقرر أن ينعقد في الثامن عشر من أبريل 2024 – وضمان استمرار الحرب، وشكا إخوان الشياطين من تقلص دعم سلاح الطيران المصري المباشر بعد أن شارك في تدمير البنى التحتية والأماكن الحيوية في البلاد، على خلفية اتجاه الجيش السوداني وخارجية بورتسودان نحو إيران وبناء تفاهمات معها، لم يرض عنها المصريون، وبحث الاجتماع كيفية تعويض ذلك الدعم المصري المفقود.
أمن الإخوان في اجتماعهم على أن وجود الجيش – بوضعه الحالي – يساعدهم في تنفيذ مخططهم في العودة للسلطة على الجثث والجماجم، أما في حالة رفض الجيش الاستمرار في الحرب، وركونه لاجتماع المنامة ومفوضات جدة، وغيرها من السبل السلمية لحل الصراع، فقد قرر الاجتماع مواجهته بصورة صريحة، والانقلاب عليه، والسيطرة على كل محاور القتال، وأن يحمل التنظيم أمر حرب أبريل على عاتقه.
وتحت عنوان “أوراق المواجهة والحقيقة”، ناقش الاجتماع التجربة الأفغانية لـ”طالبان”، والتي اعتمدت النصر العسكري الكامل دون الالتفات للمجتمع الدولي، “وها هي طالبان في نهاية المطاف – وعبر وساطة قطرية – تجد من التسهيلات ما يعين سلطتها على الاستمرار، ويعيدها رويداً رويداً للأسرة الدولية على صعيد لنظام المالي والمصرفي، وقال الإخوان أن حظوظهم في تلك الحالة أوفر من طالبان، باعتبار تعدد واجهاتهم الخفية وتنوعها، بخلاف الأخيرة.
أما في حالة فشل النموذج “الطالباني”، فقد ناقش الاجتماع النموذج “الحوثي” في اليمن، والذي استقرت فيه السلطة للحوثيين بدعم إيراني بعد الاستيلاء على العاصمة وتأمينها، ليكون لهم نصيب من أراضي البلاد المقسمة بين شمال وجنوب، ليقرر الاجتماع ضرورة اجتياح العاصمة في هذه الحالة بمشاركة كثيفة للطيران والمسيرات، و”تنظيف العاصمة“ بأسرع فرصة، وإقامة انتحابات عاجلة في المحليات، تتيح لعناصر الحركة الإسلامية تقلد المناصب في العلن، مع الاستغناء بالكامل عن كردفان ودارفور، وذلك هو أضعف الإيمان في خطة إخوان الشياطين، وأقل ما يمكن أن يحصلوا عليه بحسب اعتقادهم. ولا بد من أنهم اكتفوا بهذا القليل عجزاً عن تنفيذ مخططهم الأصلي “وكفاهم بذلك هزيمة”، حين تقلصت طموحاتهم لحكم عدد من ولايات السودان، وتلاشى حلمهم بإعادة عقارب الساعة للوراء، والتسلط على رقاب السودانيين في كامل رقعة البلاد الجغرافية.
وللغرابة فقد ناقش اجتماع تركيا أيضاً دخول “المؤتمر الوطني” في حكومة ائتلافية مع الحزب الشيوعي، يقوم فيها الشيوعي بدور المحلل لزيجات الإخوان الباطلة، ويسوقها للمجتمع الدولي، ويدخل التاريخ من باب الخدم. وغني عن القول أن من أثنى عليه عدوه فقد خاب.





