✍️ عمار نجم الدين
في أولو، حيث كانت السلطة ذات يوم تعني شيئًا لمالك عقار، لم يبقَ له اليوم سوى الأطلال. الرجل الذي كان يفاخر بموقعه في اتفاق جوبا ويزايد على الآخرين بكونه “شريكًا في السلطة”، وجد نفسه فجأة بلا جيش، بلا أرض، وبلا قيمة تُذكر في معادلة الخرطوم المشتعلة. لم يكن لعقار يومًا مشروع حقيقي، بل مجرد لاعب صغير في رقعة شطرنج يحركها الآخرون.
عندما تم فصله من الحركة الشعبية الأم، في خريف ٢٠١٧ لم يكن يحمل معه سوى طموح شخصي بائس. وعندما فاوض الخرطوم بعد الثورة، كان يدرك أنه بلا وزن، فقبل فتات الاتفاقيات التي رماها له حميدتي و البرهان ، حتى القطاطي التي نام فيها في أولو كانت منحة من حميدتي ، تمامًا كدوره السياسي المصطنع. كان عقار يعلم أنه ليس سوى تابع، لكنه ارتضى الدور، متوهّمًا أن الأرض التي منحها له جنرال المليشيات تعني أنه أصبح “رجل دولة”.
أما البرهان، فكان أكثر خبثًا منه، لكنه لم يكن أذكى. لم يكن للبرهان حاجة حقيقية لعقار، لكنه احتفظ به كورقة للاستهلاك السياسي، مجرد صورة في مشهد “السلام الزائف”. لكنه، كعادته، لم يمنح حلفاءه أكثر من وعود جوفاء. لم يطعم جنود عقار في معسكر خالد ابن الوليد الذين كان يتصورون جوعا لم يسدد لهم رواتب، لم يمنحه أي نفوذ حقيقي. وحين تساقط جنوده من معسكراتهم، لم يُحرك ساكنًا، فقد كان يدرك أن عقار مجرد دمية لا فائدة منها بعد الآن و لم ينقذه في ذلك الوقت من العام ٢٠٢٢
سوى حميدتي الذي اطعم جنود مالك من جوع .
اليوم، أولو تسقط عل . يد قوات السودان الجديد بالنيل الأزرق ، و هو المقر العسكري الوحيد لعقار يتهاوى. البرهان، الذي كان بحاجة لرجل يسيطر على الأرض، يدرك الآن أنه دعم شخصًا بلا أرض ولا جنود. وعقار، الذي ظل يلعب دور الوسيط بين الخرطوم وجوبا، أصبح مجرد بيدق مكسور لا يحتاج إليه أحد.
في لحظة الحقيقة، سقطت الأقنعة. البرهان يحتاج إلى رجال ميليشيات، وليس إلى سياسيين يطلقون النكات البائخة مثل “جدّة ولا جدادة”. وعقار، الذي كان يتوهم أنه جزء من المعادلة، اكتشف أنه لم يكن سوى هامش في دفتر حسابات الجنرالات.
في المشهد السوداني الحالي، الأرض لمن يسيطر عليها، والسلاح لمن يستخدمه، والنفوذ لمن يستطيع الاحتفاظ به. وعقار؟ رجل انتهت صلاحيته، تمامًا كتحالفه البائس مع البرهان البراغماتي .
Ammar Nagmalden





