🖊️ علي أحمد
لا يرغب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان الذي لا يختلف اثنان على إنه المُتسبب في ما آلت إليه الأوضاع في السودان بعد أن وضع يده بيد كيزانه، لا يرغب في إنهاء الحرب التي اشعلها من أجل الاجهاض على الحكم المدني الديمقراطي والاستحواذ على السلطة والاستفراد بها، فالرجل الذي رهن بلاده وإرادته بالكامل لقوى خارجية لن يمضي خطوة واحدة نحو السلام، طالما الإرادة الخارجية التي تتحكم به وهي (معروفة للجميع) تريد سوداناً مفككاً وضعيفاً بحكومة أكثر ضعفاً ووهناً.
في خطابه أمام القمة العربية الطارئة التي انعقدت مؤخراً بالقاهرة والمخصصة لطرح والموافقة على خطة بديلة لإعمار قطاع غزة مقابل الخطة المطروحة من قبل الإدارة الأمريكية، أعلن البرهان عن استعداده لإعلان وقف فوري لإطلاق النار، بشرط انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تحتلها ورفع الحصار عن مدينة الفاشر وبقية مدن دارفور، على أن تتجمع في مناطق محددة توطئة لتجريدها من السلاح ومعالجة أمرها عسكرياً.
تحدث البرهان في محفل اقليمي بطريقة مساعده “ياسر العطا”، حيث بدا واضحاً إنه تخلى عن ماظل يردده طوال سنتّى الحرب بأنه مستعد لانخراط في مفاوضات مع الدعم السريع متى ما انسحبت من منازل المواطنين والأعيان المدنية، وهذا دليل مؤكد أن الرجل لا يريد حلاً تفاوضياً وإنه سيمضي في القتال وتشريد المواطنين إلى ما لانهاية أو إلى نهايته هو أو خصمه، وهذا حُلمٌ لن يتحقق ولم يتحقق من قبل، فجميع الحروب الأهلية في العالم والسودان على وجه الخصوص تنتهي في ختام المطاف إلى طاولة مفاوضات، وإذا كان قائد الجيش يعتقد إنه حقق انتصاراً كاسحاً بخروج الدعم السريع من ولاية الجزيرة وأجزاء واسعة من العاصمة الخرطوم، وبالتالي فإنها سوف تستسلم للجيش وفقاً للسيناريو الذي رسمه ياسر العطا وتبناه البرهان في القمة العربية الهزيلة التي غاب عنها معظم الزعماء العرب المهمين من الخليج وشمال أفريقيا، فإنه سينتظر طويلاً وسيحلم كثيراً.
يراهن البرهان على إطالة أمد الحرب للحصول على المزيد من الأسلحة من أجل خوض جولات متتالية منها، كما يفعل ذلك من أجل البقاء في السلطة أطول وقت ممكن، ولن يحقق ذلك في ظل تسوية سياسية أو استقرار سياسي نسبي، فالرجل يستغل حالة الحرب المرعبة للبقاء على الكرسي الذي يعتبر هدفه الأوحد في هذه الحياة، لكنه لا يرى أبعد من أرنبة أنفه، فقوات الدعم السريع؛ فضلاً عن التحالف الواسع الذي انخرطت فيه مع فصائل سياسية، وأخرى مسلحة ذات خبرة قتالية كبيرة وقدرة عالية على الصمود، مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) وحركات الكفاح المسلح المختلفة، فإنها إنما تكوّن جيشاً جراراً قوياً، فيما لا تعوزها الاسلحة ولا الطريقة التي تمكنها من الحصول عليها، بما في ذلك مضادات الطيران وأجهزة التشويش الحديثة وربما طائرات حربية كما يتردد، خصوصاً أن الدعم السريع وحلفائها من المدنيين والعسكريين تتجه إلى تشكيل حكومة ربما يُعلن عنها قريباً، وعليه فإن إمكانية الحصول على طائرات مقاتله سيكون مبرراً ووارداً.
إذاً، يحلم البرهان إن كان يعتقد أن المعركة انتهت بما تحقق في الجزيرة إثر انسحاب قوات الدعم السريع منها، كما يحلم إذا كان يعتقد إنه وبمساعدة جماعة الإخوان الإرهابية الوحيد القادر على جلب السلاح، خصوصاً ونحن نرى ما الذي تفعله المسيرات الحديثة التي تمتلكها قوات الدعم السريع بمعسكرات الجيش ومراكز تدريبة وإمداده، ونرى كذلك كيف تتساقط طائرات الأنتونوف مثل أوراق الأشجار في فصل الخريف.
ما أريد أن أقوله يُمكنني تلخيصه في التالي: ” الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد”.. وعلى البرهان أن ينتظر نافخ الصور ليحقق تصوره/ حلمه، بأن قوات الدعم السريع ستتجمع له في أماكن محددة لينظر في أمرها، أو كما قال واللهم إني صائم.
