مقدمة
مع بداية العام الجديد، تتواصل معاناة المدنيين في مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، حيث استخدمت القوات المسلحة السودانية سلاح الطيران بشكل ممنهج لاستهداف الأحياء السكنية. هذه الانتهاكات تمثل امتدادًا لسياسة الأرض المحروقة، التي تهدف إلى تهجير السكان قسرًا وفرض واقع جديد على المناطق المتضررة، وهي جرائم تضاف إلى سجل الجرائم المستمرة في السودان منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
في 2 يناير 2025، نفذت الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني غارات جوية على أحياء طيبة والسد العالي في مدينة نيالا. جاءت هذه الضربات بعد أيام من قصف مماثل استهدف حي الوادي غرب و حي السكة حديد، الذي تعرض لهجمات جوية متكررة خلال الأسابيع الماضية.
نتائج القصف على حي طيبة
• ضحايا القصف: أدى القصف إلى مقتل أربعة أفراد من أسرة واحدة، وهم:
• رب الأسرة: حسن محمد عبد الله.
• الزوجة: فاطمة عبد الرحمن.
• طفلان يبلغان من العمر 8 و12 عامًا.
• الإصابات: أصيب عدد كبير من سكان الحي بجروح متفاوتة، بعضها خطير، مما زاد من الضغط على البنية الصحية المتدهورة أصلًا في المدينة.
• أضرار مادية: دُمرت منازل بأكملها، وتشردت عشرات الأسر، بينما أصبحت أجزاء من الحي غير صالحة للسكن.
أكدت مصادر محلية من حي طيبة أن القصف استهدف مناطق خالية من أي وجود عسكري. وأشارت إحدى النساء إلى أن السكان يعيشون أوضاعًا مأساوية تجعل من المستحيل مغادرة المدينة، نظرًا لتكاليف السفر الباهظة ونقص الموارد في المناطق الأخرى.قال شاهد عيان: “رأينا جثثًا تُستخرج من تحت الأنقاض، والأحياء أصبحت مناطق أشباح. الأطفال في حالة صدمة، ولا نجد من يساعدنا سوى أهلنا الذين بالكاد يستطيعون توفير قوت يومهم.”
وفقًا لبيان صادر عن هيئة محامي دارفور، فإن هذه الغارات الجوية تهدف إلى تهجير المدنيين قسرًا من مدينة نيالا، في محاولة لتفريغها من سكانها وتحويلها إلى منطقة عسكرية. الهيئة أكدت أن الجيش السوداني يعتمد على الطيران كوسيلة للضغط على المدنيين وإجبارهم على النزوح الجماعي نحو مناطق أخرى.
استراتيجية منهجية
من الواضح أن الهجمات ليست مجرد عمليات عسكرية عشوائية، بل تأتي ضمن استراتيجية منهجية تهدف إلى:
- إفراغ المناطق الحضرية: باستهداف الأحياء المكتظة بالسكان وإجبارهم على مغادرة منازلهم.
- تدمير البنية التحتية: قصف المناطق السكنية يؤدي إلى تدمير المستشفيات والمدارس والمرافق الحيوية.
- تأجيج الأزمة الإنسانية: خلق موجات نزوح جديدة تزيد من معاناة النازحين في ظل نقص المساعدات الإنسانية.
تمثل هذه الهجمات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف المدنيين والأعيان المدنية. واستخدام الطائرات الحربية ضد أحياء سكنية يُعد جريمة حرب تُوجب محاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية.
مطالب المجتمع المدني
تدعو المنظمة الإفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية المجتمع الدولي إلى:
- إدانة واضحة وشاملة لهذه الجرائم ضد الإنسانية.
- فرض عقوبات مستهدفة على القادة العسكريين الذين يصدرون أوامر القصف.
- إجراء تحقيقات مستقلة لتوثيق الجرائم وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
- توفير الحماية الدولية للمدنيين المتضررين من هذه الهجمات.
- تعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى النازحين، وضمان عدم استخدام المعونات لأغراض عسكرية.
إن هذه الجرائم المتواصلة في دارفور تُذكرنا بالضرورة الملحة لوضع حد للإفلات من العقاب، ومحاسبة كل من تورط في استهداف المدنيين. المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية أخلاقية وإنسانية للتدخل الفوري لإنقاذ أرواح الأبرياء، الذين يدفعون ثمن صراعات لا دخل لهم بها.