2024م .. العام الأكثر دموية وقسوة على المدنيين في السودان ضحايا حرب الفلول وكتائب الإرهابيين

رؤى نيوز RMC
أعده/ احمد حمد النيل

مر العام 2024م ثقيلا مرهقا على معظم مكونات الشعب السوداني الذين عانوا من ويلات الحرب والنزوح واللجوء والتشريد بسبب الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ الخامس عشر من ابريل 2023م. وأعتبر كثير من المراقبين أن العام 2024م هو الأكثر دموية وقسوة على المدنيين في السودان ضحايا حرب الفلول وكتائب الإرهابيين.

ثبات واستبسال أشاوس الدعم السريع:

أظهرت العمليات العسكرية والمعارك التي اندلعت في العام 2024م مهارة وشجاعة وقوة وثبات واستبسال أشاوس قوات الدعم السريع في ميادين القتال، حيث سطر الأشاوس عددا لا يحصى من قصص الشجاعة والصمود في الحرب المفروضة عليهم من قبل الجيش المختطف والإسلاميبن، وشهدت محاور القتال في الجزيرة وسنار ودارفور وكردفان والخرطوم وغيرها تقدم الأشاوس صوب الأعداء الذين يولون هاربين بمجرد رؤية جندي من الدعم السريع، وهو الأمر الذي منحهم ميزة التفوق وأسهم في تحقيق انتصارات كبيرة على جيش تدعمه دول ويقاتل في صفوفه المرتزقة والإسلاميين والمخابرات والعمل الخاص والمستنفرين وغيرهم، ورغم ذلك لم يستطيعوا تحقيق انتصار واحد على قوات الدعم السريع. وفي الجانب الإنساني سطر الأشاوس ملحمة جديدة بتسييرهم للقوافل الطبية والغذائية لإنقاذ المدنيين المتأثرين بالحرب في عدد من القرى والمدن، كما قاموا بحماية وتأمين وصول قوافل المساعدات الإنسانية التي تأتي من الخارج للمتضررين من أبناء الشعب السوداني، وهي خطوة وجدت الإشادة والتقدير من المجتمع الدولي والإقليمي.

الخطة (ب) لقائد قوات الدعم السريع:

عقب التطورات الأخيرة التي شهدتها حرب السودان أعلن قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي الانتقال للخطة (ب)، ووجه القادة الميدانيين بإنزالها على أرض الواقع، مما أدى إلى زيادة أعداد القوات بصورة كبيرة، ووصل عددهم إلى قرابة المليون جندي، كما تعهدت الإدارات الأهلية في كردفان ودارفور بدعم الخطة (ب) بمئات الآلاف من الجنود والمقاتلين الأشداء الذين تم استيعابهم ضمن عدد من المتحركات. وأسهمت ترتيبات الانتقال للخطة (ب) في تحقيق انتصارات جديدة للدعم السريع في عدد من المحاور، ونفذت القوات عمليات نوعية استهدفت قاعدة وادي سيدنا العسكرية في أمدرمان وقاعدة حطاب ببحري، قتلت من خلالهما المئات في صفوف العدو ودمرت الكثير من الطائرات والآليات والأسلحة والذخائر، كما نفذ الأشاوس عمليات أحدثت خسائرا فادحة في صفوف العدو بعدد من المحاور. وأثارت الخطة (ب) قلق ضباط الجيش المختطف الذين يخشون المفاجآت بعد أن تجرعوا مرارة الهزائم، وأكد مراقبون أن قيادة الجيش صارت في حالة انعقاد دائم لمعرفة كيف يفكر الاشاوس وماهي خطوتهم القادمة، وماذا يفعلون مع قوات الدعم السريع التي تتزايد يوما بعد يوم وصارت أشبه بالطوفات الذي سيبتلعهم في القريب العاجل. وتوقع المراقبون أن تتمدد قوات الدعم السريع في تنفيذ الخطة (ب) خلال العام 2025م مما سيمنحها ميزة تقدم جديد يكفل لها تحرير المزيد من الأراضي السودانية من دنس الفلول والإرهابيين.

هلاك مرتزقة الحركات وكسر شوكتهم:

عقب تخليهم عن الحياد وانضمامهم للقتال مع الجيش المختطف والإسلاميين الإرهابيين ضد قوات الدعم السريع والشعب السوداني تكبد مرتزقة الحركات المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد على يد الأشاوس في محاور دارفور وكردفان وشرق الجزيرة وغيرها من المواقع. وأظهر قادة المرتزقة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وجههم الحقيقي وقاموا بإبتزاز وتهديد قائد الجيش المختطف عبد الفتاح البرهان لمنحهم المزيد من الأموال والمناصب والعتاد الحربي، وإلا فإنهم سيعودون إلى الحياد ويتركون مواقعهم في ميادين القتال. كما أحدث وجود قوات المرتزقة في الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر حالة من الاحتقان والتوتر الأمني، مما ينذر بإندلاع حرب في هذه الولايات في أية لحظة. أما على صعيد العمليات العسكرية فقد تمكن أشاوس قوات الدعم السريع من إلحاق الهزيمة بمرتزقة المشتركة وكسر شوكتهم في الفاشر ووادي هور والمالحة بولاية شمال دارفور، ودارت معارك شرسة في مناطق أخرى هلك فيها أعداد كبيرة من المرتزقة، وتم قتل عشرات من قادتهم مما زعزع ثقتهم وأدى إلى انشقاقات كبيرة في صفوفهم، فيما اختار الآلاف منهم الإنضمام لقوات الدعم السريع.

توالي هزائم الكيزان:

وخلال العام 2024م واصلت قوات الدعم السريع انتصاراتها الداوية على مليشيا البرهان الإنقلابية المدعومة بالمرتزقة وكتائب الإسلاميين الإرهابية، في كافة محاور القتال بالعاصمة الخرطوم والجزيرة وسنار ودارفور وكردفان، حيث سقط آلاف القتلى والجرحى من الفلول والإرهابيين، كما تم تدمير عدد من المواقع والفرق العسكرية التابعة للجيش المختطف، مما جعلهم يستخدمون أبواقهم الإعلامية والمتسلقين وحارقي

البخور للترويج لإنتصارات زائفة وشرعية مفقودة لترويض الشعب السوداني وخداعه باطروحات الإسلاميين حتى يتمكنوا من تمزيج جسد الوطن كما فعلوا مع جنوب السودان لتمكين دولتهم الإسلامية وإقصاء وتهميش كل من ينادي بالحرية وللسلام والعدالة. وبالمقابل احتسبت قوات الدعم السريع مجموعة من الشهداء الأشاوس الذين قدموا أرواحهم ودماءهم الطاهرة مهرا وفداء لأجل القضية ولأجل الشعب السوداني الذي يحلم بالتحول المدني الديمقراطي والتحرر من سطوة وقمع الكيزان وحقبتهم المظلمة التي استمرت لأكثر من ثلاثين عاما.

لجوء الكيزان لخيار الحرب الأهلية:

وكنتيجة حتمية لتفادي الهزائم المتكررة لجأ الكيزان وأنصار النظام البائد من الإسلاميين المتطرفين لخيار إشعال الحرب الأهلية بإثارة النعرات القبلية والتفرقة العنصرية. وقامت كتائب البراء بن مالك الإرهابية بتصفيات على أساس عنصري وقبلي في سنار والخرطوم بحري وأمدرمان وغيرها من المواقع. وأسهمت كتائب العمل الخاص وجهازي الاستخبارات والمخابرات في تسليح المدنيين تحت مسمى المقاومة الشعبية (الدفاع الشعبي سابقا) وحرضوهم للقتال ضد الدعم السريع. كما نشط الفلول في إثارة النعرات العنصرية لضرب النسيج الإجتماعي المتماسك لقوات الدعم السريع لكنهم فشلوا فشلا ذريعا لأن الأشاوس انتبهوا للمخطط وحاربوا القبلية والعنصرية واتفقوا على وحدة وقومية قوات الدعم السريع.

خلافات الاسلاميين:

اندلعت خلافات حادة وسط الحركة الإسلامية المتطرفة وذراعها السياسي حزب المؤتمر الوطني المحلول، نتيجة للصراع بين المطلوب للجنائية أحمد هارون، وإبراهيم محمود ذو الاصول الأريترية على رئاسة الحزب المحلول، حيث دعم كل من قائد الجيش المختطف عبد الفتاح البرهان والرئيس المخلوع عمر البشير،  أحمد هارون، فيما دعمت مجموعة من القيادات الشابة والوسيطة وكتلة شرق السودان داخل الحزب إبراهيم محمود، وهو الأمر الذي أثر بصورة على الكتائب الإرهابية التي تقاتل مع الجيش ضد قوات الدعم السريع، وهي تمثل الجناح العسكري للإسلاميين، حيث هدد رئيس لواء البراء بن مالك الإرهابي المصباح ابوزيد طلحة بترك ميادين القتال إذا لم تلملم الحركة صفوفها. ومما زاد الطين بلة إندلاع معركة جديدة بين قائد الجيش المختطف السفاح عبد الفتاح البرهان والداعية الإسلامي المتشدد عبد الحي يوسف، وهو الصراع الذي وصفه مراقبون بالشرخ الكبير في علاقة الإسلاميين وقادة الجيش.

استياء ضباط وجنود الجيش من التنقلات العسكرية على أسس عنصرية:

سرت حالة من السخط والاستياء وسط ضباط وجنود الجيش المختطف بسبب عنصرية قائد الجيش السفاح عبد الفتاح البرهان وتعامله معهم بتفرقة ظاهرة في التنقلات والحوافز والترقيات. وكشفت التنقلات الأخيرة لبعض قادة الفرق العسكرية عنصرية وتخبط البرهان الذي قرر نقل اللواء ركن فلولي أحمد محمد الحسن العماس قائد المنطقة الشرقية، وقائد محاور الفاو، إلى الكلية الحربية وتعيين قيادة جديدة لمحور الفاو الذي شهد هزائم كبيرة ولا يزال على أيدي أشاوش قوات الدعم السريع. واستجاب البرهان لأقاربه، وبنوازع عنصرية أقال اللواء الركن حمدان عبدالقادر قائد الفرقة الثالثة مشاة وقام بتعيين إبن عمه اللواء شمس الدين موسى عبدالله، خلفا له. ويعتبر شمس الدين من أبرز الضباط الإسلاميين بولاية نهر النيل، وكان قائدا سابقا للفرقة الرابعة مشاة بالدمازين، وتمت إقالته من الفرقة بسبب عجزه عن إيقاف تقدم قوات الدعم السريع نحو الألوية والوحدات العسكرية التابعة للفرقة الرابعة مشاة بولاية النيل الأزرق.

استمرار التدخل المصري في الشان السوداني:

ولإنقاذ جيش السفاح البرهان من الهزائم المتتالية واصل النظام المصري تدخله السافر في الشأن السوداني، وقام عبر الطيران الحربي التابع للجيش المصري بقصف قوات الدعم السريع بمنطقة جبل موية في ولاية سنار، كما شن الطيران المصري غارات جوية استهدفت المدنيين والأبرياء في دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم وغيرها من الجبهات الملتهبة. وتحدى النظام المصري كافة الأعراف والمواثيق الدولية وقدم السلاح والطائرات المسيرة لجيش السفاح البرهان وبالمقابل تمكن المصريين من نهب ثروات السودان الزراعية والمعدنية والحيوانية، حتى اوقفت قوات الدعم السريع الصادرات إلى مصر من مناطق سيطرتها للمحافظة على ثروات السودان، وهو الأمر الذي أثر على اقتصاد مصر بصورة مباشرة وأوشك على الإنهيار، لذلك كثف الجيش المصري من دعمه للسفاح البرهان.

تدهور الاقتصاد السوداني وفشل استبدال العملة الجديدة:

بعد أن تطاول أمد الحرب وزادت كلفة التسليح ودفع حوافز مرتزقة الحركات والكتائب الإرهابية والمستنفرين والمقاومة الشعبية، ضغط قادة الجيش المختطف على خزانة الدولة الخاوية من أية موارد، وقاموا بتهريب الذهب وثروات السودان لتغطية منصرفات الحرب التي أشعلوها بالتنسيق مع الإسلاميين ليعودوا إلى الحكم وينتقموا من الشعب السوداني الذي أطاح نظامهم بثورة ديسمبر المجيدة.

فتدهور الاقتصاد وفقد الجنيه السوداني قيمته أمام العملات الأجنبية بعد أن تم تزوير كتلة نقدية ضخمة في مصر وضخها في الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الاستهلاكية، وزادت معاناة المواطن السوداني. كما أدى قرار قوات الدعم السريع بمنع الصادرات من المناطق المحررة إلى مناطق سيطرة الجيش ومصر إلى شح كبير في المحاصيل الزراعية والمواشي، وصار التجار يبحثون دون جدوى عن ما يسد الفجوات في الأسواق. وانتشر الفساد بصورة كبيرة في مناطق سيطرة الجيش وتم بيع مواد الإغاثة في الأسواق عبر التجار الكيزان، وظهرت التعاملات الربوية وإنهارت البنوك وأعلنت كثير من الشركات افلاسها، في وقت تفرغ فيه بعض رجال الأعمال الإسلاميين إلى تسليح الجيش والكتائب الإرهابية وتهريب الذهب وبقية موارد السودان لتذهب عوائدها إلى جيوبهم ولا تدخل الخزينة العامة.

مؤشرات اقتراب نهاية حكومة البرهان:

توقع مراقبون أن تشهد بداية العام الجديد نهاية حكومة الأمر الواقع في بورتسودان بقيادة عبد الفتاح البرهان، بعد أن تصدعت أركانها وفشلت في كل الملفات التي إدعت بأنها ستديرها، ففشلت في إنهاء الحرب ضد قوات الدعم السريع وفشلت في إدارة شؤون الاقتصاد وفشلت في عقد امتحانات الشهادة السودانية كما فشلت في استبدال العملة وخسرت العديد من دول الجوار والدول العربية والصديقة بسياساتها الخارجية المتعنتة وتصريحاتها وزراءها العنترية والمعادية لكثير من الدول وهو ما جعل السودان في عزلة دولية وإقليمية زادت من معاناة شعبه. وقال المراقبون أن عوامل سقوط حكومة بورتسودان أقوى من العوامل التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد، وذلك لأن حكومة البرهان تفتقد للمصداقية والحكمة والحنكة ورهنت قرارها لمصر واريتريا وإيران وقطر فإختلطت عليها الأوراق وزاد عليها الضغط الدولي والإقليمي، خاصة بعد تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة وهي الدولة التي مدت نظام السفاح البرهان بالأسلحة وللذخائر والمسيرات وبعثة الحرس الثوري الإيراني لترميم القواعد العسكرية وتدريب جيش البرهان. وأشار محللون إلى أن استلام الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب للحكم سيغير الكثير من الأمور لأنه لن يسمح بتمدد النفوذ الإيراني والروسي في السودان ولن يفرط في أمن البحر الأحمر الذي يؤثر على دول مشاطئة تعتبر من ابرز حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط.