علي أحمد
عندما نتحدث عن الطيران الحربي لمليشيا الكيزان، نقول ذلك لأن سلاح الطيران مُسيطر عليه بالكامل من قبل الضباط المؤدلجين المُنتمين للحركة الإسلامية الإخونجية؛ وهؤلاء يفسرون الحرب على أنها ذات طابع جهوي وعرقي، لذلك يشنون ضربات ضارية على ما يطلقون عليه (الحواضن القبلية) للدعم السريع، فيقصفون المدن والبلدان وقوافل الرُحل في دارفور دون هوادة، ويقتلون المواطنين الأبرياء بعد وصمهم بـ(الحواضن)؛ الأمر الذي سيدفع بالحرب إلى مراحل ربما تأخذ صيغة العصبية الإثنية؛ وبالتالي قد تنتهي إلى مذابح مفتوحة ودماء مسفوحة دون وازع ولا ضمير.
فعل الطيران الكيزاني المؤدلج ذلك في الضعين والكومة ونيالا والفاشر في دارفور، والمريكب وأم روابة وغيرهما بشمال كردفان، لكنه لم يستثن مناطق سيطرة الدعم السريع في ولايتي الخرطوم والجزيرة، فقد قتل مئات المواطنين العُزّل الذين يقطنون هذه المناطق في الحصاحيصا وشرق النيل وجنوب الحزام، فضلاً عن تدمير البنية التحتية من جسور ومؤسسات ومبانٍ ومطارات وخلافه.
وفي هذا السياق من القتل الممنهج والمتعمد، أفادت مجموعة محامو الطوارئ ولجان المقاومة وشهود عيان، أن الطيران استهدف الجمعة الماضي مسجد الشيخ أحمد الصديق في حي شمبات بمدينة بحري أثناء صلاة الجمعة، ما أسفر عن استشهاد 7 من المصلين في التو والحين، ولربما ارتفع العدد بعد ذلك، فقد خلف القصف عشرات الجرحى، بعضهم بإصابات خطيرة ومميتة.
واعتبرت مجموعة المحامين في بيانٍ الهجوم جزءاً مما أطلقت عليه “سلسلة اعتداءات عسكرية عشوائية لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية”. ووصفت ذلك بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين والأماكن المقدسة.
انتقال الطيران المؤدلج إلى إفزاع وضرب المواطنين هو منهج كيزاني معروف منذ حرب الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ودارفور، فقد دأب هذا الطيران المنفلت العقال، الذي يديره ويشرف عليه أناس لا ضمير ولا أخلاق ولا قيم لهم، على إجبار الخصم على وضع السلاح تحت ضغط الموت والإبادات الجماعية للمواطنين الأبرياء. ولهذا الطيران سجل دموي حافل ولوحة جنائزية سوريالية مرسوم عليها أجساد بشرية متفحمة وهياكل عظمية محروقة تسبح في أنهار من الدماء، وتنسل كسيل جارف وسط مبانٍ مهدمة وشوارع مسكونة بالجن والأبالسة. وما الأبالسة إلا الكيزان الذين يحتفون بالقتل ويرقصون على صعود الأرواح البشرية، ويطربون لصوت ارتطام الجسور بالأنهار وبالأرض، وبدوي انهيار المباني الشاهقة وتسويتها بفعل التدمير، كما لو كان موسم أفراح. فهل هؤلاء بشر طبيعيون؟!
ومن هذه الزاوية، علينا أن ندعو العالم الحر ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية الديمقراطية، وكل ذي ضمير حي ويقظ، إلى الضغط على الأمم المتحدة والدول العظمى حتى تصدر قراراً فورياً بحظر تحليق الطيران الحربي فوق أرض السودان حظراً نهائياً، وأن تفرض عقوبات صارمة تجاه من يخرقون هذا الحظر؛ حفظاً لحيوات الأبرياء ولما تبقى من بنية تحتية دفع المواطنون ثمنها من عرقهم وعملهم واستقطاعات رواتبهم الشحيحة على مدى (68) عاماً، منذ استقلال البلاد.
ما يفعله الطيران المؤدلج من قتل للمصلين في مساجدهم، والتجار في متاجرهم وأسواقهم، ورعاة الماشية في مراعيهم، والمزارعين في مزارعهم، والمواطنين في منازلهم، لهو جريمة نكراء ومستنكرة تستوجب الإدانة والمنع والحظر والعقاب الصارم، وبشكل عاجل وفوري.